للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أريد أن أوصي بمالي، قال: «لا، قال: في النصف؟ قال: لا، قال: فالثلث؟ قال: الثلث والثلث كثير، إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير لك من أن تدعهم عالة يتكففون أيدي الناس» (١)، فإذاً: هنا يعطينا هذا الحديث فرق بين إنسان معيل وعائلته ليسوا من قوة الإيمان والتوكل بحيث أنه إذا تصدق بكل ماله كما فعل أبو بكر الصديق يقولوا: ماذا فعل أبونا، تركنا فقراء فيما بعد، ولن يقولوا: جزى الله أبانا خيراً، فلنا الله من بعده، كما يروى أيضاً وإن كان هذه لا تروي بالأسانيد الحديثية عن قصة عمر بن عبد العزيز لما تولى الخلافة، كل المال الذي كان عند زوجته فاطمة أعاده إلى بيت مال المسلمين، لو أن فاطمة لم تكن كفاطمة بنت الرسول كانت وقعت الواقعة بين الزوجين، ولذلك باختصار الزهد ليس له حد أولاً، ثم يختلف باختلاف الأشخاص ثانياً، فإذا كان إنسان معيل وعنده عائلة، ويعلم بأنهم لم يؤتوا من الزهد نصيباً؛ فلا يجوز له أن يخرج عن كل ماله ويدعهم فقراء، وربما يصل بهم الأمر أن يقعوا فيما يشبه الكفر؛ لأن الرسول عليه السلام كما نعلم من الأحاديث الصحيحة استعاذ من الكفر والفقر؛ لأن الفقر يكون أحياناً سبباً يؤدي إلى الكفر، وإن كان الحديث الوارد في هذا المعنى: «كاد الفقر أن يكون كفراً» (٢) لا يصح إسناداً.

هذا ما يحضرني جواباً عن سؤال الزهد هذا.

السؤال: عمر بن عبد العزيز عندما أراد أن يموت ما أدري هل القصة هذه صحيحة أم لا، حينما قال له أحد وزرائه أو أحد الرجال: لم لا تترك لأبنائك بعض


(١) "صحيح سنن آبي داود " (رقم ٢٨٦٤)، وصحيح الترميذي (٩٧٥)، وصحيح النسائي (٣٦٢٦) وصحيح ابن ماجة (٢٧٠٨).
(٢) "ضعيف الجامع" (رقم ٤١٤٨) , " الضعيفة" (٩/ ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>