«رأى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في يد عمر صحيفة، فسأله عنها، فقال رضي الله عنه: هذه صحيفة من التوراة كتبها لي رجل من اليهود، فقال عليه الصلاة والسلام: يا ابن الخطاب! أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى، والذي نفس محمد بيده لو كان موسى حياً لما وسعه إلا اتباعي»(١).
في هذا الحديث ما يشرح لنا جانباً من جوانب شهادة أن محمداً رسول الله، ذلك أن كثيراً من المسلمين ينطقون بالركن الأول من الإسلام: لا إله إلا الله محمد رسول الله، ولكن الكثير من هؤلاء ينطقون بما لا يفهمون معناه على وجه الصحة، ولقد تكلمنا مراراً وتكراراً، وبمناسبات شتى على الشهادة الأولى: لا إله إلا الله، وأنها تعني: أنه لا معبود بحق في هذا الوجود إلا الله تبارك وتعالى، هذا المعنى الموجز وهو المعنى الصحيح لهذه الكلمة الطيبة: لا إله إلا الله يجهل هذا المعنى كثير ممن ينطقون بهذه الكلمة، ولست الآن في صدد شرح هذا المعنى الصحيح: لا معبود بحق إلا الله، فإنها تستلزم ألا يتوجه المسلم إلى غير الله تبارك وتعالى بشيء من العبادات مطلقاً، كما يفعله كثير من الناس اليوم من دعاء غير الله، والنذر لغير الله، والذبح لغير الله، والحلف بغير الله إلى غير ذلك من الأمور كل ذلك ينافي قول المسلم وشهادة المؤمن: لا إله إلا الله، لأن هذه الأمور التي ذكرناها كلها عبادات لا يجوز التوجه بها إلا إلى هذا الإله رب السماوات والأرض.
ومع ذلك فنجد هؤلاء المسلمين الذين أشرنا إليهم يذهبون إلى القبور فيذبحون هناك، وينذرون النذور، وقد يطوفون حول بعض القبور، زعموا استشفاء، طلباً للاستشفاء ممن لو كان حياً لما استطاع أن يرد المستشفي به شفاءً