لأنه لا شافي إلا الله تبارك وتعالى، فكيف بهم وهم يطلبون الشفاء من الموتى من الذين أصبحوا تراباً رميماً، فهذا مما ينافي شهادة التوحيد هذه.
تكلمنا في هذه الشهادة كما قلنا مراراً وتكراراً، والآن أريد أن أتكلم بشيء من التوسع والبسط حول الشهادة الثانية التي لا يتم إيمان المؤمن إلا بها، فمن شهد أن لا إله إلا الله ثم لم يتبعها بشهادة أن محمداً رسول الله لم تنفعه الشهادة الأولى، لذلك كان مقرراً بين المسلمين جميعاً أن الركن الأول مما بني عليه الإسلام هي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ولكن هذه الشهادة من الشهادة لله بالوحدانية ولنبيه بالرسالة لا تنجي صاحبها من الخلود في النار إلا إذا فهمها قبل كل شيء فهماً صحيحاً, إلا إذا حققها في منطلقه في حياته تحقيقاً صادقاً، فكيف يكون تحقيق شهادة أن محمداً رسول الله؟ أيكون ذلك بمجرد أن نطيعه في بعض ما أتانا به عن الله عز وجل، ونخالفه إلى أمور لم يأت بها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عن الله تبارك وتعالى، هذا ما أريد أن أبينه الآن في هذه الكلمة في هذه الليلة المباركة إن شاء الله.
فإذاً: نعلم أن قول المسلم: وأشهد أن محمداً رسول الله، أو وأشهد أن محمداً عبده ورسوله لا يتحقق هذا المعنى حتى يخلص له عليه الصلاة والسلام في اتباعه كما يخلص لربه في توحيده، فمعنى الشهادتين أن تخلص لله عز وجل في عبادته فلا تشرك معه أحداً في شيء من العبادات كما ذكرنا، وأن تخلص لرسوله عليه الصلاة والسلام في اتباعه فلا تشرك معه متبوعاً غيره، ولئن فعل ذلك إنسان فلن يؤمن به إيماناً خالصاً صادقاً، مصداق هذا الذي أقوله حديث جابر السابق، فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام كما سمعتم لعمر: والذي نفسي بيده لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي» فإذا كان موسى عليه الصلاة والسلام