للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو الذي كلمه الله تكليماً وأنزل عليه التوراة، مع ذلك لو كان في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام ما وسعه إلا إتباعه، فكيف يكون حال من ليس من الأنبياء والرسل، فلابد أن يكون هذا أوجب وأوجب أن يتبع الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، وما معنى أن يتبع الرسول؟ كمعنى يعبد الله، ما معنى يعبد الله؟ أي: لا يعبد غيره، يعبد الله وحده لا شريك له، وما معنى أن يتبع الرسول؟ أي: يتبعه وحده لا يتخذ معه متبوعاً غيره، وذلك لأن موسى نبي الله بل وكليم الله، فهذه الصحيفة التي رآها الرسول عليه السلام في يده كأنه يقول له: ألم يكفك ما أتيتك يا عمر من الله من وحي السماء حتى تشرك فيما أتيتك به ما أنزل الله على موسى وقد صار ما أنزل الله على موسى شرعاً منسوخاً، لأن الله عز وجل أنزل القرآن على قلب محمد عليه الصلاة والسلام، وجعله مهيمناً مسيطراً على سائر الكتب والشرائع التي كانت من قبل، فإذا كان موسى بشريعته لا يسعه إلا أن يدع شريعته ويخلص في إتباعه لرسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -.

وهاهنا بيت القصيد في هذه الكلمة، فإذا كان موسى لا يسعه إلا اتباع الرسول عليه السلام ولا يتبع شريعته؛ تُرى إذا اخترع مخترعٌ ما طريقةً أو منهجاً أو حزباً أو أي شيئاً آخر لم يأت به رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فاتبعه فلا يكون حين ذلك قد أخلص للرسول عليه الصلاة والسلام في الاتباع، وبالتالي لا يكون حقق معنى هذه الشهادة: وأن محمداً رسول الله، لأن هذه الشهادة تسلتزم اتباع الرسول فيما أرسله الله به من الحق والنور، فإذا افترضنا أن إنساناً اتبع غير رسول الله أقول: إذا افترضنا وهذه فرضية واقعة في صور شتى وطرائق قدداً، فإذا فرضنا أن إنساناً اتبع غير رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ولو في بعض المسائل وهو يعلم أن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يأت بهذه المسائل من عند الله عز وجل، ومع ذلك اتبع هذا الإنسان أو هذه الطريق أو هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>