للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجل: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (الشورى: ٢١).

فلا يجوز لمسلم أن يشرع من عند نفسه شيئاً مهما حقر وصغر، وبالتالي لا يجوز لمسلم أن يتبع هذا المشرع ولو في أدنى مسألة وأحقرها، فالذي يشرع المسألة من عند نفسه أشرك مع الله تبارك وتعالى، فلم يؤمن بحقيقة لا إله إلا الله، ومن اتبع هذا المشرع من دون الله فقد اتخذه شريكاً مع الله، وبالتالي لم يوحد الرسول في اتباعه وحده ولم يخلص له في ذلك.

ولهذا لما أنزل الله عز وجل على قلب محمد عليه الصلاة والسلام قوله عز وجل: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} (التوبة: ٣١) كان في المجلس أحد الصحابة ممن كان تعلم القراءة والكتابة، وبالتالي كان تنصر قبل بعثة الرسول عليه السلام من بين العرب الوثنيين، ألا وهو عدي بن حاتم الطائي، لما نزلت هذه الآية كان هو قد أسلم وكفر بالنصرانية وآمن بالله ورسوله، ولكنه كان على علم بما كان عليه النصارى، فأشكل عليه قول ربنا تبارك وتعالى في حق النصارى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} (التوبة: ٣١)، قال: يا رسول الله! والله ما اتخذناهم أرباباً من دون الله، خفي عليه معنى: اتخاذ النصارى الأحبار والقسيسين أرباباً من دون الله، توهموا أن المقصود في هذه الآية أنهم اعتقدوا أن القسيسين والرهبان يخلقون مع الله، فبين له الرسول عليه السلام المقصود من هذه الآية، وأنه ليس ذلك الفهم الذي عرض له، فقال له على طريقة السؤال والجواب، قال: ألستم كنتم إذا حرموا لكم حراماً حرمتموه وإذا حللوا لكم حلالاً حللتموه؟ قال: أما هذا فقد كان، فقال عليه الصلاة والسلام: ذلك اتخاذكم إياهم أرباباً من دون الله، حينما كان القسيسون يقول هذا حلال فيقولون: حلال، أو قالوا هذا حرام فيقولون حرام، والواقع أن هذا التحريم والتحليل صدر من عند أنفسهم، ولم

<<  <  ج: ص:  >  >>