للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتنقله بواسطة نبيهم عن ربهم، فبين الرسول عليه السلام أن هذا هو معنى {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} (التوبة: ٣١) فكفرت طائفتان، الطائفة التي حللت وحرمت لنفسها، والطائفة الأخرى التي اتبعتهم على عماها كما يقولون دون بصيرة من شريعة الله تبارك وتعالى، ولهذا فالمسلم إذا أخلص للرسول عليه الصلاة والسلام في الاتباع كان ذلك عصمة له من أن يزل في التوحيد لله تبارك وتعالى في عبادته، فكأن توحيد الله في عبادته وإفراد الرسول في اتباعه أمران مرتبطان لا ينفك أحدهما عن الآخر، فمن أراد أن يكون من المؤمنين الصادقين المخلصين في شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فلابد له أن يوحد رسول الله في الاتباع، كما يوحد الله في العبادة، فمن أخل بهذا، أي: من أخل في توحيد الرسول في الاتباع فشأنه شأن من أخل في توحيد الله في العبادة، فكل من التوحيدين إذا صح هذا التعبير توحيد الله في عبادته وتوحيد الرسول في اتباعه ركن من أركان الإسلام، إذا اختل أحدهما انهار هذا الإسلام من أُسه وأصله.

وإذا عرفنا هذا يتبين لنا خطر ما وصل إليه بعض الناس اليوم من الإخلال بهذا الإخلاص لرسول الله في الاتباع، فجعلوا الإخلاص في الاتباع لغير رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - , وأنا أذكر لكم بعض الأمثلة:

هناك بعض المشايخ الطرقيين قديماً وحديثاً يلقنون أتباعهم ومن يسمونهم بمريديهم مثل الجمل الآتية: المريد بين يدي الشيخ كالميت بين يدي غاسله، هذا الكلام نقلوه من رسول الله والمؤمنون به فخصوا به المشايخ لو قال مسلم: المسلم بين يدي الرسول عليه الصلاة والسلام كالميت بين يدي الغاسل, فربما يكون فيه شيء من الغلو من حيث التعبير, أما من حيث المعنى فهذا مصداق قول الله تبارك وتعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>