للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلاثة كما قال عليه السلام في الحديث الصحيح: «الرؤى ثلاثة: فرؤيا من الرحمن، ورؤيا من تهاويل الشيطان، أي: من تلاعبه بالإنسان، ورؤيا من تحديث النفس» (١)،

فلم فسرت رؤيا هذا المريد المسكين بالتآويل بتأويل واحد من هذه التأويل، أي: أن نفسه كانت تحدثه في أثناء النهار بالاعتراض على شيخه فرأى هذا في منامه، مع أنه من الممكن أن تكون هذه الرؤيا من تهاويل الشيطان، بل لعل الشيطان أراد بهذه القصة أن يدل الشيخ نفسه قبل المريد، ولا شك أن الشيخ حينما يهجر تلميذه المخلص له في الاتباع لأنه قال له في المنام: لمه؟ لا يكون متبعاً للشرع، بل يكون ظالماً له وأن قوله له: لمه لو صدر في قيد حياته في صحته وفي يقظته لم يكن في ذلك أي خطأ، (وأيّاً كان) فلا يجوز أن يهجر، لماذا؟ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «لا يحل لرجل مسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث-ثلاثة أيام- يلتقيان فيعرض هذا عن هذا, ويعرض هذا عن هذا، وخيرهما الذي يبادر أخاه في السلام» (٢) فإذا كان الرسول يُقرِّر أنه لا يجوز هجر المسلم إلا ثلاثة أيام فما فوق ذلك حرام، فكيف يجوز للشيخ العالم ذي الأخلاق الكريمة ومنها التواضع والألفة والمعشر الحسن، كيف يجوز أن يهجر أخاه المسلم ليس ثلاثة أيام بل شهراً كاملاً لمجرد أنه قال له في المنام: لمه؟

فانظروا كم انحرف المسلمون عن إخلاص الاتباع للرسول عليه السلام، بل لقد انعدم هذا الاتباع بالكلية من أمثال هؤلاء، حيث نقلوه من اتباع الرسول إلى اتباع الشيخ، ولذلك وقعنا في المشكلة التي نحياها اليوم، إذا قلت لإنسان: إذا قلت لإنسان قال الله قال رسول الله كان الجواب: قال شيخي كذا، ذلك لأن


(١) صحيح الجامع (رقم٣٥٣٤) ..
(٢) البخاري (رقم٥٧٢٧) ومسلم (رقم٦٦٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>