للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإخلاص في الاتباع قد فقدوه، بل أحلوا محله متبوعين آخرين ألا وهم المشايخ، أي: مشايخ الطرق، هذا مثال.

ومثال آخر له علاقة في واقعنا وحياتنا القريبة اليوم، فقد انقسم مع الأسف الشديد المسلمون انقسامات جديدة، وانقسموا إلى أفكار حديثة، وكل يدعي بأنه ينصر الإسلام، ويريد أن يقيم صرح الإسلام شامخاً عالياً، ومع ذلك إذا ما دعوا إلى الله ورسوله قال كل من الأحزاب: نحن رأينا هكذا، فأين تحقيق الاتباع للرسول عليه السلام إذا قيل لهم: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في الحديث الصحيح وهذا معروف لدى الجميع: «تفرقت اليهود والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلى واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: هي الجماعة» في رواية مفسرة مبينة: «هي ما أنا عليه وأصحابي» كلهم يعلمون هذا الحديث، فإذا دعوتهم إلى اتباع السلف الذين هم الميزان في معرفة الفرقة الناجية من الفرق الهالكة في قول الرسول عليه السلام حينما سئل: من هي هذه الفرقة الناجية؟ قال: هي ما أنا عليه وأصحابي.

فإذاً: حينما يدعى المسلم إلى تحقيق الاتباع «انقطاع صوتي»

عن الإخلاص في اتباع الرسول عليه السلام كان يقول لهم: اتبعوا ولا تبتدعوا، فقد كفيتم، عليكم بالأمر العتيق، أي: عليكم ما كان عليه الرسول عليه الصلاة والسلام دون زيادة أو نقصان، وقد جاء عنه في قصة صحيحة وفيها عبرة وبيان سبب هذه الكلمة: اتبعوا ولا تبدعوا، فقد كفيتم عليكم بالأمر العتيق، روى الإمام الدارمي في سننه بالسند الصحيح عنه أن أبا موسى الأشعري جاء إلى داره، فذات يوم خرج والناس ينتظرونه ليخرجوا معه إلى المسجد، فقال لهم: أخرج أبو عبد الرحمن؟ أبو عبد الرحمن كنية عبد الله بن مسعود، قالوا: لا، فجلس ينتظر

<<  <  ج: ص:  >  >>