للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى خرج ابن مسعود، فقال: يا أبا عبد الرحمن! لقد رأيت في المسجد آنفاً شيئاً أنكرته، ومع ذلك والحمد لله لم أر إلا خيراً، قال: ماذا رأيت؟ قال: إن عشت فستراه، رأيت أناساً حلقاً حلقاً، وفي وسط كل حلقة منها رجل يقول لمن حوله: سبحوا كذا، كبروا كذا، احمدوا كذا، وأمام كل واحد منهم حصى يعد فيه التسبيح والتكبير والتحميد، قال ابن مسعود: أفأنكرت عليهم؟ قال: لا، انتظار أمرك أو انتظار رأيك، فعاد ابن مسعود إلى داره، وخرج متقنعاً لا يرى إلا عيناه، ثم انطلق إلى المسجد فوقف على أصحاب الحلقة، حتى رأى ما ذكر له أبو موسى، فكشف عن وجهه اللثام وقال: أنا عبد الله بن مسعود، صحابي رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، ويحكم ما هذا الذي تصنعون؟ قالوا: والله يا أبا عبد الرحمن! حصى، يعني: بالتعبير العامي: ما فيها شيء، شغلة بسيطة، حصى نعد به التسبيح والتكبير والتحميد، قال: عدوا سيئاتكم وأنا الضامن لكم ألا يضيع من حسناتكم شيء. ويحكم ما أسرع هلكتكم، هذه ثيابه - صلى الله عليه وآله وسلم - لم تبل، وهذه آنيته لم تكسر، والذي نفسي بيده! أئنكم أهدى من أمة محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - أو إنكم متمسكون بذنب ضلالة. فقالوا: والله يا أبا عبد الرحمن يقولون معتذرين عما فعلوا: ما أردنا إلا الخير، قال: وكم من مريد للخير لا يصيبه، إن محمداً - صلى الله عليه وآله وسلم - حدثنا إن أقواماً يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، قال شاهد القصة وراويها: فلقد رأينا أولئك الأقوام أصحاب الحلقات قال: رأيناهم يقاتلوننا يوم النهروان، أي: أصبحوا من الخوارج ضد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، فقاتلهم حتى استأصل شأفتهم إلا قليلاً منهم، هذه

القصة وقعت لعبد الله بن مسعود الآمر بقوله: اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم، عليكم بالأمر العتيق.

يعني: أن الرسول عليه السلام قد جاءكم بشريعة كاملة تامة فما معنى إحداث

<<  <  ج: ص:  >  >>