الصلاة والسلام، كما قال العرباض بن سارية رضي الله تعالى عنه وهو كان من فقراء الصحابة الذين كانوا يأوون إلى الصُّفَّة لا همَّ لهم إلا صحبة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - والاستفادة من علمه عليه الصلاة والسلام، قال:«وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله! كأنها وصية مودع فأوصنا وصية لا نحتاج إلى أحد بعدك أبداً. قال عليه الصلاة والسلام: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن ولي عليكم عبد حبشي، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة» هذه
أيضاً كلية.
«فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» ثم جاءت أحاديث النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الأخرى بألفاظ تختلف عن لفظ الكل لكنها تؤيد معنى الكل المذكور في هذا الحديث وفي ما قبله، من ذلك مثلاً قوله عليه الصلاة والسلام:«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»(١) هذا أيضاً يعني تلك الكلية التي جاءت في الحديثين المذكورين آنفاً، لأنكم علمتم من آية:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}(المائدة: ٣) أن الدين قد كمل، فمن أحدث في هذا الدين شيئاً [فهورد] يقول: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» أي: مردود على الذي أحدث تلك المحدثة لأن الدين كمل والحمد لله كما في آية: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}(المائدة: ٣).
فإذاً كلما ذكرنا حديثاً ولو لم يكن فيه لفظ:«كل بدعة»، لكنه يؤيد هذه الكلية