للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما أحدهم فقال ناذراً قال: أما أنا فأصوم الدهر ولا أفطر، أما أنا فأصوم الدهر ولا أفطر. قال الثاني: أما أنا فأقوم الليل ولا أنام. أما الثالث قال: أما أنا فلا أتزوج النساء، وانصرفوا متعاهدين على أن يقوم كل واحد منهم بما عاهد الله عليه من قيام الليل كله، من صيام الدهر كله، من اجتناب النساء بالكلية وانصرفوا هكذا.

ولما جاء رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إلى نسائه وأخبرنه الخبر دخل المسجد وجمع الناس وخطبهم وقال. قال عليه الصلاة والسلام: «ما بال أقوام يقولون كذا وكذا وكذا» يعني: .. أقوال عرفتموها فلا حاجة لإعادتها، لكن الشاهد في ما يأتي.

«أما إني أتقاكم لله وأخشاكم لله، أما إني أصوم وأفطر، وأقوم الليل وأنام، وأتزوج النساء؛ فمن رغب عن سنتي فليس مني» الشاهد من هذا الحديث كله الجملة الأخيرة بعد أن عرفتم سبب ورودها، هذه الجملة الأخيرة مع الأسف أكثر المسلمين المتعبدين لا أعني الزاهدين في عبادة الرسول عليه السلام والمعرضين عنها بالكلية، إنما أعني الزاهدين المتعبدين الراغبين في الآخرة، قال في خاتمة الحديث: «فمن رغب عن سنتي فليس مني» انتهى الحديث، وأخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما.

أريد أن أقف قليلاً معكم عند قوله: «سنتي، فمن رغب عن سنتي فليس مني» لعل الكثيرين منكم قرؤوا شيئاً من الفقه على أي مذهب من المذاهب الأربعة المتبعة من جماهير المسلمين أهل السنة والجماعة، ويقرؤون في هذه الكتب تقسيم العبادات إلى أقسام منها فرض ومنها سنة، ولا أزيد على هذا-لأن هنا الشاهد-.ويعرفون السنة من حيث ثوابها ومن حيث حكم تاركها بأن من فعلها أثيب عليها دون ثواب الفريضة، ومن تركها لا يعاقب عليها، بعضهم يزيد-

<<  <  ج: ص:  >  >>