للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن نحن نسبق الأمر فنقول: لو ثبت أن العلة هو كذلك: خشية أن تعبد الأصنام، لكن من أين لنا أننا خلاص انتهينا وأمنا، ... أنه واحد يقع في الشيء، كيف هذا؟ والرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول كما في صحيح البخاري (١): «لا تقوم الساعة حتى تضطرب آليات نساء دوس حول صنم لهم يقال له: ذو الخليصة» هذا خبر عن الرسول في أصح الكتب بعد القرآن! فإذاً: الذي أشرت إليه من القائلين يقول ما لا يعلم، بل يقولوا: ما يخالف فيه كلام الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، أعود إلى العلة ما هو الدليل على أن العلة هو خشية أن يعبد المسلمون الأصنام؟ ممكن أن تكون هذه حكمة أو بعض علة، أما أن تكون هي علة فأولاً: لا دليل لهم على ذلك إلا مجرد الظن وصدق الله: {إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} (يونس: ٣٦).

ثانياً: لقد نص الحديث على خلاف ما يزعمون، لقد قال عليه الصلاة والسلام يقول ربنا تبارك وتعالى: «ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة، فليخلقوا حبة، فليخلقوا شعيرة» (٢) أو قدَّم أو أخر فربما يكون الأمر كذلك، المهم: «ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا حبة، فليخلقوا شعيرة، فليخلقوا ذرة».

إذاً: هذا ينص أن التحريم سببه: المضاهاة، وهذا جاء أيضاً في حديث عائشة: «إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله» (٣) هذه العلة الأساسية التي جاءت منصوصة في السنة الصحيحة، أما الخشية التي ذكرتها أو حكيتها آنفاً فهي علة اجتهادية مأخوذة من تاريخ بعض الأمم المتقدمة كقوم نوح عليه السلام


(١) (رقم ٦٦٩٩).
(٢) البخاري (رقم٥٦٠٩).
(٣) البخاري (رقم٥٦١٠) ومسلم (رقم٥٦٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>