للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حيث حكى ربنا عز وجل في القرآن أنه قال: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا، وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا} (نوح:٢٣، ٢٤).

يقول ابن عباس كما في البخاري وتفسير ابن جرير وغيرهما: أن هؤلاء الخمسة كانوا عباداً لله صالحين فلما ماتوا أوحى الشيطان إليهم أن يجعلوا قبورهم داخل دورهم، فلا يدفنوهم في مقابرهم كعامة الناس، وذلك تمجيداً وتقديساً، وتذكراً لمناقبهم-زعموا- كما يقول اليوم الذين بدءوا ينشرون الأصنام وينصبونها في الأماكن العامة والمنتزهات ونحو ذلك، وتركهم الشيطان جيلاً من الزمان، ثم جاءهم فأوحى إليهم أن بقاء هؤلاء في هذه القبور كما هم قد تأتي عاصفة من السماء أو سيول أو وتذهب بقبورهم فتنسونهم ماذا نفعل؟ قال: اتخذوا لهم أصناماً، فجعلوا أصناماً خمسة فوضعوها في أماكن أوحى للجيل الذي بعدهم أن يضعوها في أماكن تليق بذكراهم، وما جاء الجيل الذي بعدهم إلا وأخذوا يعبدونهم من دون الله، وكان من أولئك قوم نوح عليه السلام ودعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، فكان جوابهم ما سمعت، {لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ} (نوح: ٢٣) فنهي الإسلام عن الصور وعن التماثيل وبخاصة: المجسمة منها.

يمكن أن يقال: أن هذا من باب سد الذريعة أن تعظم هذه الأصنام لكن لا نقول: أن العلة هو هذا، العلة ذكرت في الحديثين السابقين، فخلاصة الجواب: أن التصوير محرم بأحاديث قاطعة في الإسلام، وليس هناك ما يدل إطلاقاً أنه يأتي زمن تستباح هذه الأصنام (١)؛لأن الناس يعرفون التوحيد ولا يقعون في الشرك، وماذا نقول اليوم ولا نزال نحن نشكوا من الألوف المؤلفة بل الملايين المملينة من المسلمين فهم يطوفون حول القبور وحول زيارة الصالحين والأولياء، ومناداتهم


(١) أي: يستباح صناعتها. [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>