للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحلف بأصحابها، إذ كل ذلك يؤدي إلى الغلو بها وعبادتها من دون الله تعالى لاسيما عند انطفاء العلم وكثره الجهل وقله الناصحين وتعاون شياطين الجن والإنس على إضلال الناس وإخراجهم من عبادة الله تبارك وتعالى.

ولا يخفى أنه إذا كان من المسلَّم عندنا معشر المسلمين أن من حكمة النهي عن الصلاة في الأوقات الثلاثة هو سد الذريعة وعدم التشبه بالمشركين الذين يعبدون الشمس في تلك الأوقات، فالذريعة في التشبه بهم في بناء المساجد على القبور والصلاة فيها أقوى وأوضح، ألا ترى أننا حتى اليوم لم نجد أي أثر سيء لصلاة بعض الناس في هذه الأوقات المنهي عنها، بينما نرى أسوأ الآثار للصلاة في هذه المساجد والمشاهد المبنية على القبور من التمسح بها (١)،

والاستغاثة بأصحابها والنذر لها والحلف بل والسجود لها وغير ذلك من الضلال مما هو


(١) قال: النووي في كتابه «مناسك الحج» (٦٨/ ٢):

«لا يجوز أن يُطاف بقبرهص، ويكره إلصاق البطن والظهر بجدران القبر، قاله الحليمي وغيره، ويكره مسحه باليد وتقبيله، بل الأدب أن يبعد منه ... هذا هو الصواب. وهو الذي قاله العلماء، وأطبقوا عليه، وينبغي أن لا يغتر بكثير من العوام في محالفتهم ذلك، فإن الاقتداء والعمل إنما يكون بأقوال العلماء، ولا يلتفت إلى محدثات العوام وجهالاتهم، ولقد أحسن السيد الجليل أبو علي الفضيل بن عياض في قوله ما معناه «اتبع طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين» ومن خطر في باله أن المسح باليد ونحوه أبلغ في البركة، فهو من جهله وغفلته لأن البركة إنما هي فيما وافق الشرع وأقوال العلماء وكيف يبتغي الفضل في مخالفه الصواب؟!».
قلت: رحم الله الإمام النووي فإنه بهذه الكلمة أعطى هؤلاء المشايخ الذين يتمسحون بالقبور فعلاً، أو يحبذونها قولاً ما يستحقونه من المنزلة، حيث جعلهم من العوام الذين لا يجوز أن يلتفت إلى جهالاتهم (فهل من مذكر)؟. [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>