للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشاهد معروف فاقتضت حكمته تبارك وتعالى تحريم كل هذه الأمور حتى يعبد الله تبارك وتعالى وحده ولا يشرك به شيء فيتحقق بذلك أمر تعالى بدعائه وحده في قوله {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (١).

وإن مما يأسف له كل مسلم طاهر القلب أن يجد كثيراً من المسلمين قد وقعوا في مخالفة شريعة سيد المرسلين - صلى الله عليه وآله وسلم - التي جاءت بالابتعاد عن كل ما يخدج بالتوحيد، ثم يزداد أسفاً حين يرى قليلاً أو كثيراً من المشايخ يقرونهم على تلك المخالفة، بدعوى أن نياتهم طيبه! ويشهد الله أن كثيراً منهم قد فسدت نياتهم، وران عليها الشرك بسبب سكوت أمثال هؤلاء المشايخ، بل تسويغهم كل ما يرونه من مظاهر الشرك بتلك الدعوى الباطلة (٢)؟

أين النية الطيبة يا قوم من أناس كلما وقعوا في ضيق جاءوا إلى ميت يرونه صالحاً فيدعونه من دون الله ويستغيثون به، ويطلبون منه العافية والشفاء وغير ذلك مما لا يُطلب إلا من الله وما لا يقدر عليه إلا الله؟! بل إذا زلت قدم دابتهم نادوا: يا الله يا باز! بينما هؤلاء المشايخ قد يعلمون أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - سمع يوما بعض الصحابة


(١) سورة الجن، الآية ١٨. [منه].
(٢) ولقد جرى نقاش طويل بعد بضع سنين من تأليف هذا الكتاب بيني وبين أحد الخطباء يوم الجمعة في بيته حول الاستغاثة بغير الله، فصرح الشيخ بجوازها بحجة أن المستغيث يعلم أن الميت لا يضر ولا ينفع! فقلت له: لو كان الأمر كذلك فلماذا يناديه؟ قال: واسطة قلت: الله أكبر: قلتم: كما قال غيركم {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (سورة الزمر الآية ٣)، ثم قلت له: فإذا كنتم تعتقدون حقا أنهم لا يعتقدون فيهم ضراً ولا نفعاً فهل ترى باساً من أن يكشف المستغيث بغير الله عن عقيدته التي تزعمها بقوله «يا باز؟ يا من لا يضر ولا ينفع» فقال: نعم يجوز قلت: فهذا أكبر دليل على أنك أنت فضلا عن العامة ترى أن في ندائهم نفعا وإلا سويتم بين ندائهم وبين نداء الجمادات والأحجار بل الأصنام وما أظنكم ترون جواز ندائها أيضا بحجة أنها لا تضر ولا تنفع فبهت. (فاعتبروا يا أولي الأبصار). [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>