(٢) ولقد جرى نقاش طويل بعد بضع سنين من تأليف هذا الكتاب بيني وبين أحد الخطباء يوم الجمعة في بيته حول الاستغاثة بغير الله، فصرح الشيخ بجوازها بحجة أن المستغيث يعلم أن الميت لا يضر ولا ينفع! فقلت له: لو كان الأمر كذلك فلماذا يناديه؟ قال: واسطة قلت: الله أكبر: قلتم: كما قال غيركم {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (سورة الزمر الآية ٣)، ثم قلت له: فإذا كنتم تعتقدون حقا أنهم لا يعتقدون فيهم ضراً ولا نفعاً فهل ترى باساً من أن يكشف المستغيث بغير الله عن عقيدته التي تزعمها بقوله «يا باز؟ يا من لا يضر ولا ينفع» فقال: نعم يجوز قلت: فهذا أكبر دليل على أنك أنت فضلا عن العامة ترى أن في ندائهم نفعا وإلا سويتم بين ندائهم وبين نداء الجمادات والأحجار بل الأصنام وما أظنكم ترون جواز ندائها أيضا بحجة أنها لا تضر ولا تنفع فبهت. (فاعتبروا يا أولي الأبصار). [منه].