للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشريف لأن له فضيلة خاصة لا توجد في شيءٍ من المساجد على القبور (١)، وذلك لقوله - صلى الله عليه وآله وسلم -:

«صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد


(١) وبهذه المناسبة أقول: إن من أعجب ما رأينا من الأخبار الواهية، والأوهام المضلة، ما نقله العلامة ابن عابدين في الحاشية (١/ ٤١) عن كتاب «أخبار الدول» بالسند إلى سفيان الثوري «أن الصلاة في مسجد دمشق بثلاثين ألف صلاة»
قلت: هو باطل لا أصل له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بل ولا عن سفيان الثوري، فقد أخرجه أبو الحسن الربعي في «فضائل الشام ودمشق» (ص ٣٥ - ٣٧) وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٢/ ١٢) عن أحمد بن أنس بن مالك أنبأ حبيب المؤذن أنبأ أبو زياد الشعباني وأبو أمية الشعباني قالا:
«كنا بمكة فإذا رجل في ظل الكعبة، وإذا هو سفيان الثوري فقال رجل: يا أبا عبد الله ما تقول في الصلاة في هذا البلد؟ قال: بمائة ألف صلاة قال: ففي مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: بخمسين ألف صلاة قال ففي بيت المقدس؟ قال بأربعين ألف صلاة قال ففي مسجد دمشق؟ قال: بثلاثين ألف.»
قلت: وهذا إسناد ضعيف مجهول أبو زياد الشبعاني الظاهر أنه خيار بن سلمة أبو زياد الشامي وقرينه أبو أمية الشعباني فهو يحمد بضم التحتانية وسكون المهملة وكسر الميم وهما مقبولان كما في «التقريب» لكن الراوي عنهما حبيب المؤذن مجهول أورده ابن عساكر في «تاريخه» ولم يزد في ترجمته على قوله فيه «كان يؤذن في مسجد سوق الأحد» والراوي عنه أحمد بن أنس لم أجد له ترجمة.
ومما يبطل هذا الأثر عن سفيان أنه أحد رواة حديث أبي هريرة الآتي أن الصلاة في مسجده - صلى الله عليه وسلم - بألف صلاة، فيبعد أن يقول بخلاف ما صح عنده عنه - صلى الله عليه وسلم - ومما يبطله أيضاً أن أكثر ما صح عنه - صلى الله عليه وسلم - في فضل الصلاة في بيت المقدس أنها بألف صلاة رواه ابن ماجة (١/ ٤٢٩ ٤٣٠) وأحمد (٦/ ٤٦٣) بسند جيد وهذا الأثر يقول: أنها بأربعين ألف صلاة!
ثم بدا لي أنه غير جيد السند فيه علة تقدح في صحته وإن كان لي سلف في تصحيحه وقد بينتها في «ضعيف أبي داود» (باب السرج في المساجد).
نعم قد صح أن الصلاة في بيت المقدس على الربع من الصلاة في المسجد النبوي رواه البيهقي فيه يبطل أثر الثوري من باب أولى كما لا يخفى. [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>