للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحرام [فإنه أفضل]» (١) ولقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - أيضا: «ما بين بيتي (٢) ومنبري روضة من رياض الجنة» (٣).

ولغير ذلك من الفضائل، فلو قيل بكراهة الصلاة فيه كان معنى ذلك تسويته مع غيره من المساجد، ورفع هذه الفضائل عنه، وهذا لا يجوز كما هو ظاهر وهذا المعنى استفدناه من كلام ابن تيمية السابق (ص ١٢٧ - ١٢٨) في بيان سبب إباحة صلاة ذوات الأسباب في الأوقات المنهي عنها، فكما أن الصلاة أبيحت في هذه الأوقات لأن في المنع منها تضييعاً لها بحيث لا يمكن استدراك فضلها لفوات وقتها، فكذلك يقال في الصلاة في مسجده - صلى الله عليه وآله وسلم -.ثم وجدت ابن تيمية صرح بهذا فقال في كتابه «الجواب الباهر في زوار المقابر» (٤) (ص ٢٢/ ١ - ٢):


(١) أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة ومسلم وأحمد والزيادة له من حديث ابن عمر وله عنده طرق كثيرة وشواهد متعددة عن جماعة من الصحابة وقد ذكرت طرقه في «الثمر المستطاب في فقه السنة والكتاب». [منه].
(٢) هذا هو اللفظ الصحيح «بيتي» وأما اللفظ المشهور على الألسنة «قبري» فهو خطأ من بعض الرواة كما جزم به القرطبي وابن تيمية والعسقلاني وغيرهم ولذلك لم يخرج في شيءٍ من الصحاح، ووروده في بعض الروايات لا يصيره صحيحاً لأنه رواية بالمعنى قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «القاعدة الجليلة» (ص ٧٤) بعد أن ذكر الحديث: «هذا هو الثابت الصحيح، ولكن بعضهم رواه بالمعنى فقال «قبري» وهو - صلى الله عليه وسلم - حين قال هذا القول لم يكن قد قبر - صلى الله عليه وسلم -، ولهذا لم يحتج بهذا أحد من الصحابة، حينما تنازعوا في موضع دفنه ولو كان هذا عندهم لكان نصا في محل النزاع ولكن دفن في حجرة عائشة في الموضع الذي مات فيه. بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه».
(تنبيه): ومن أوهام العلماء أن النووي في «المجموع» عزا الحديث للشيخين بلفظ «قبري» ولا أصل له عندهما فاقتضى التنبيه. [منه].
(٣) رواه البخاري ومسلم وغيرهما من حديث عبد الله بن زيد المازني وهو حديث متواتر كما قال السيوطي، وقد ذكرت له في المصدر السابق سبعة طرق عنه - صلى الله عليه وسلم -. [منه].
(٤) مخطوط المكتبة الظاهرية، وهو كتاب نفيس جامع في بابه وفق الله له من يطبعه، ثم حقق الله الأمنية فطبع عن النسخة الظاهرية في المطبعة السلفية في القاهرة، عني بنشره العالمان الجليلان: الشيخ عبد الملك بن إبراهيم رئيس هيئة الأمر بالمعروف بالحجاز بارك الله في عمره والشيخ محمد نصيف رحمه الله وجزاه عن السنة خيراً. [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>