للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كراهة اتخاذ المساجد والقباب على قبور الأولياء والصالحين»!

قلت: والجواب: أن يقال: أثبت العرش ثم انقش!

أثبت أولاً أن الخشية المذكورة هي وحدها علة النهي، ثم أثبت أنها قد انتفت، ودون ذلك خرط القتاد.

أما الأول، فإن لا دليل مطلقا على أن العلة هي الخشية المذكورة فقط نعم من الممكن أن يقال: انها بعض العلة وأما حصولها بها فباطل، لأن من الممكن أيضا أن يضاف إليها أمور أخرى معقولة كالتشبه بالنصارى، كما تقدم في كلام الفقيه الهيتمي، والمحقق الصنعاني، وكالإسراف في صرف المال فيما لا فائدة فيه شرعاً، وغير ذلك مما قد يبدو للباحث الناقد.

وأما زعمه أن العلة انتفت برسوخ الإيمان في نفوس المؤمنين ... إلخ. فهو زعم باطل أيضاً وبيانه من وجوه:

الأول: أن الزعم بني على أصل باطل، وهو أن الإيمان بأن الله هو المنفرد بالخلق والإيجاد كاف في تحقيق الإيمان المنجي عند الله تبارك وتعالى، وليس كذلك فإن هذا التوحيد وهو المعروف عند العلماء بتوحيد الربوبية، كان يؤمن به المشركون الذين بعث إليهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - كما قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} (١).

ومع ذلك فلم ينفعهم هذا التوحيد شيئاً، لأنهم كفروا بتوحيد الألوهية والعبادة وأنكروه على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أشد الإنكار، بقولهم فيما حكاه الله عنهم


(١) سورة لقمان الآية ٢٥. [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>