ومن مقتضيات هذا التوحيد الذي أنكروه ترك الاستغاثة بغير الله، وترك الدعاء والذبح لغير الله، وغير ذلك مما هو خاص بالله تعالى من العبادات، فمن جعل شيئاً من ذلك لغير الله تبارك وتعالى فقد أشرك به، وجعل له نداً وإن شهد له بتوحيد الربوبية، فالإيمان المنجي إنما هو الجمع بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية، وإفراد الله بذلك وهذا مفصل في غير هذا الموضع.
فإذا تبين هذا نعلم أن الإيمان الصحيح غير راسخ في نفوس كثير من المؤمنين بتوحيد الربوبية، ولا أريد أن أبعد بالقارئ الكريم في ضرب الأمثلة فحسبي هنا أن أنقل ما ذكره المؤلف الذي نحن في صدد الرد عليه فإنه قال بعد أسطر من كلامه السابق (ص ٢١ - ٢٢):
«ونراهم (يعني العامة) يحلفون بالأولياء، وينطقون في حقهم بما ظاهره الكفر الصراح بل هو الكفر حقيقة بلا ريب ولا شك ... فكثير من جهلة العوام بالمغرب ينطق بما هو كفر صراح في حق مولانا عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه ... فإن عندنا بالمغرب من يقول عن القطب الأكبر مولانا عبد السلام بن مشيش رضي الله عنه أنه الذي خلق الدين والدنيا! ومنهم من قال والمطر نازل بشدة: يا مولانا عبد السلام ألطف بعبادك! فهذا كفر! ... ».
قلت: فهذا الكفر أشد من كفر المشركين، لأن هذا فيه التصريح بالشرك في توحيد الربوبية أيضاً، وهو مما لا نعلم أنه وقع من المشركين أنفسهم! وأما الشرك في الألوهية فهو أكثر في جهَّال هذه الأمة- ولا أقول عوامهم- فإذا كان هذا حال