للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنفسهم، أو على من بعدهم، فإن قيل بالأول قلنا فالخشية على من بعدهم أولى وإن قيل بالثاني، وهو الصواب عندنا فهو دليل قاطع على أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا لا يرون زوال العلة المستلزم زوال الحكم، لا في عصرهم، ولا فيما بعدهم، فالزعم بخلاف رأيهم ضلال بين. ويؤيده:

الوجه الخامس: أن العمل استمر من السلف على هذا الحكم ونحوه مما يستلزم بقاء العلة السابقة وهي خشية الوقوع في الفتنة والضلال فلو أن العلة المشار إليها كانت منتفية لما استمر العمل على معلولها، وهذا بين لا يخفى والحمد لله وإليك بعض الأمثلة على ما ذكرنا:

١ - عن عبد الله بن شرحبيل بن حسنة قال: رأيت عثمان بن عفان يأمر بتسوية القبور فقيل له هذا قبر أم عمرو بنت عثمان! فأمر به فسوي (١).

٢ - عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب:

ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -؟ أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبرا مشرفاً إلا سويته (٢).


(١) رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٤/ ١٣٨) وأبو زرعة في «تاريخه» (٦٦/ ١٢١، ٢/ ٢) (*) بسند صحيح عن عبد الله هذا وقد أورده ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (٣/ ٢/٨١٨٢) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. [منه].
(*) مخطوطان قيمان الأول محفوظ بعض مجلداته في المكتبة الظاهرية، ويوجد منه نسخة تامة في غيرها. والآخر منه نسخة مصورة في المجمع العلمي العربي بدمشق. [منه].
(٢) رواه مسلم (٣/ ٦١) وأبو داود (٣/ ٧٠) والنسائي (١/ ٢٨٥) والترمذي (٢/ ١٥٣ - ١٥٤) والبيهقي (٤/ ٣) والطيالسي (١/ ١٦٨) وأحمد (رقم ٧٤١، ١٠٦٤)
وله طرق عند الطيالسي وأحمد (رقم ٦٥٧ و٦٥٨ و٨٨٩ و١١٧٥ و١١٧٦ و١١٧٧ و١٢٣٨ و١٢٨٣) وابن أبي شيبة (٤/ ١٣٩) والطبراني في «الصغير» (ص ٢٩):
«ولا مخالفة بين هذا الحديث وبين ما ثبت في السنة من مشروعية رفع القبر شبراً أو شبرين، حتى يتميز فيصان عن أن يهان، لأن المراد به تسوية ما رفع عليه من البناء، وإن قيل بخلافه قال الشيخ علي القارئ في «المرقاة» (٢/ ٣٧٢) في شرح الحديث: «(قبراً مشرفاً) هو الذي بني عليه حتى ارتفع دون الذي أعلم عليه بالرمل والحصباء أو محسومة (!) بالحجارة ليعرف ولا يوطأ، (إلا سويته) في الأزهار: قال العلماء: يستحب أن يرفع القبر قدر شبر ويكره فوق ذلك ويستحب الهدم وفي قدره خلاف قيل إلى الأرض تغليظا، وهذا أقرب إلى اللفظ أي لفظ الحديث من التسوية» وكذا في «تحفة الأحوذي» (٢/ ١٥٤) نقلا عن «المرقاة». [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>