للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما تأويله فقد ذكر له وجوها واهية أقواها قوله:

«إنه خبرٌ متروك الظاهر بالاتفاق لأن الأئمة متفقون على كراهة تسوية القبر وعلى استحباب رفعه قدر شبر».

قلت: العجب ممن يدعي الاجتهاد ويحرم التقليد كيف يصرف الأحاديث ويتأولها حتى تتفق مع أقوال الأئمة بزعمه، بينما الاجتهاد الصحيح يقتضي عكس ذلك تماما على أن الحديث لا ينافي الاتفاق المذكور، لأنه خاص بالقبر المبني عليه فحينئذ يسوى بالأرض كما سبق عن الأزهار واتفاق الأئمة إنما هو في الأصل الذي ينبغي أن يراعى حين دفن الميت فيرفع قليلاً فهذا لا يعنيه الحديث كما أفاده القارئ رحمه فيما تقدم نقله قريباً في الحاشية.

ثم نقل الغماري في تأويل الحديث عن الشافعية أنهم قالوا: «لم يرد تسويته بالأرض، وإنما أراد تسطيحه جمعاً بين الأحاديث».

قلت: لو سلم هذا فهو دليل على الغماري لا له لأنه لا يقول بوجوب تسطيحه بل يقول باستحباب رفعه بدون حد، وباستحباب البناء عليه قبة أو مسجداً!

ثم قال الغماري في الجواب الأخير عن الحديث:

«وهو الصحيح عندنا أنه أراد قبور المشركين التي كانوا يقدسونها في الجاهلية وفي بلاد الكفار التي افتتحها الصحابة رضي الله عنهم بدليل ذكر التماثيل معها».

قلت: في بعض طرق الحديث عند أحمد أن بعث علي رضي الله عنه إنما كان إلى بعض نواحي المدينة حين كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فيها، فهذا يبطل ما ادعاه من أن

<<  <  ج: ص:  >  >>