للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى القبور، ولا تجلسوا عليها».أخرجه مسلم (٣/ ٦٢) وأصحاب السنن الثلاثة وغيرهم، وله شاهد من حديث ابن عباس أخرجه الضياء المقدسي في «الأحاديث المختارة» وقد تكلمت على إسناده في «تخريج صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -» ثم في «تحذير الساجد» (ص ٢١).

وفي هذه الأحاديث الثلاثة دليل على تحريم الجلوس والوطأ على قبر المسلم، وهو مذهب جمهور العلماء على ما نقله الشوكاني (٤/ ٥٧) وغيره، لكن حكى النووي والعسقلاني عنهم الكراهة فقط، وهو نص الامام الشافعي في «الأم» (١) وكذلك نص الامام محمد في «الآثار» (ص ٤٥) على الكراهة وقال: «وهو قول أبي حنيفة».

قلت: والكراهة عندهما إذا أطلقت فهي للتحريم، وهذا أقرب إلى الصواب من القول بالكراهة فحسب، والحق القول بالتحريم لأنه الذي ينص عليه حديث أبي هريرة وعقبة؛ لما فيهما من الترهيب الشديد، وبهذا قال جماعة من الشافعية، منهم النووي، وإليه ذهب الصنعاني في «سبل السلام» (١/ ٢١٠)، ومال الفقيه ابن حجر الهيتمى في «الزواجر» (١/ ١٤٣) إلى أنه كبيرة، لما أشرنا إليه من الوعيد الشديد، وليس ذلك عن الصواب ببعيد.


(١) قال الشافعي رحمه الله (١/ ٢٤٦): (وأكره وطأ القبر والجلوس والاتكاء عليه، إلا أن لا يجد الرجل السبيل إلى قبر ميته إلا بأن يطأه فذلك موضع ضرورة، فأرجو حينئذ أن يسعه إن شاء الله تعالى، وقال بعض أصحابنا: لا بأس بالجلوس عليه، وإنما نهي عن الجلوس عليه للتغوط! وليس هذا عندنا كما قال، وإن كان نهي عنه للمذهب فقد نهي عنه مطلقا لغير المذب).وكان الشافعي رحمه الله يشير إلى إلامام مالك رحمه الله فإنه صرح في (الموطأ) بالتأويل المذكور، ولا شك في بطلانه كما بينه النووي فيما نقله الحافظ (٣/ ١٧٤). [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>