كان تام الخلق، وأخرج من بطن أمه بشقه فإنه قد يعيش كما وقع مرارا، فههنا يتعارض إنقاذه، وحفط حياته، مع حفظ كرامة أمه بناء على أن شق البطن ككسر العظم. ولا شك أن الأول أرجح، على أن شق البطن بمثل هذا السبب لا يعد إهانة للميت كما هو ظاهر في عرف الناس كلهم. فالصواب قول من يوجب شق البطن وإخراجه إذا رجح الطبيب حياته بعد خروجه، وقد صرح بهذا بعضهم».وقال في «منار السبيل»(١/ ١٧٨): وإن خرج بعضه حياً شق للباقي لتيقن حياته بعد أن كانت متوهمة. قلت: وما اختاره السيد رحمه الله تعالى هو الأصح عند الشافعية كما قال النووي (٥/ ٣٠١) وعزاه لقول أبي حنيفة وأكثر الفقهاء، وهو مذهب ابن حزم (٥/ ١٦٦ - ١٦٧) وهو الحق إن شاء الله تعالى.
ويستفاد من الحديث:
١ - حرمة نبش قبر المسلم لما فيه من تعريض عظامه للكسر، ولذلك كان بعض السلف يتحرج من أن يحفر له في مقبرة يكثر الدفن فيها، قال الإمام الشافعي في «الأم»(١/ ٢٤٥):
«أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه قال: ما أحب أن أدفن بالبقيع! لأن أدفن في غيره أحب ألي، إنما هو أحد رجلين، إما ظالم، فلا أحب أن أكون في جواره، وإما صالح فلا أحب أن ينبش في عظامه، قال: وإن أخرجت عظام ميت أحببت أن تعاد فتدفن».وقال النووي في «المجموع»(٥/ ٣٠٣) ما مختصره:
«ولا يجوز نبش القبر لغير سبب شرعي باتفاق الأصحاب، ويجوز بالأسباب الشرعية كنحو ما سبق (في المسألة ١٠٩)، ومختصره: أنه يجوز نبش القبر إذا بلى الميت وصار تراباً، وحينئذ يجوز دفن غيره فيه، ويجوز زرع تلك الأرض وبناؤها، وسائر وجوه الانتفاع والتصرف فيها باتفاق الأصحاب، وهذا كله إذا لم يبق للميت