للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن تحرَّي الصلاة فيها ذريعة إلى اتخاذها مساجد، وذلك ذريعة إلى الشرك بالله، والشارع قد حسم هذه المادة بالنهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها، وبالنهي عن اتخاذ القبور مساجد.

فإذا كان قد نهى عن الصلاة المشروعة في هذا المكان وهذا الزمان سداً للذريعة فكيف يستحب قصد الصلاة والدعاء في مكان اتفق قيامهم فيه أو صلاتهم فيه من غير أن يكون قصدوه للصلاة فيه؟.ولو ساغ هذا لاستحب قصد جبل حراء والصلاة فيه، وقصد جبل ثور والصلاة فيه، وقصد الأماكن التي يقال أن الأنبياء قاموا فيها كالمقامين اللذين بجبل قاسيون بدمشق اللذين يقال أنهما مقام إبراهيم عليه السلام، والمقام الذي يقال إنه مغارة دم قابيل، وأمثال ذلك من البقع التي بالحجاز والشام وغيرها. ثم ذلك يفضي إلى ما أفضت إليه مفاسد القبور، فإنه يقال: أن هذا مقام نبي أو قبر نبي أو ولي، بخبر لا يعرف قائله، أو نمام لا تعرف حقيقته!.

ثم يترتب على ذلك اتخاذه مسجداً فيصير وثناً يعبد من دون الله تعالى؛ شرك مبني على إفك، والله سبحانه يقرن في كتابه بين الشرك والكذب، كما يقرن بين الصدق والإخلاص. ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في الحديث الصحيح: «عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله (مرتين)».

ثم قرأ: {فاجتنبوا الرجس من الأوثان، واجتنبوا قول الزور، حنفاء لله غير مشركين} (١).

ثم قال مثل هذا القول في الكتاب المذكور (ص٢٠٣ - ٢٠٤) ثم قال:


(١) سورة الحج، الآية ٣٠. [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>