بذلك في المسجد على النحو المشاهد اليوم، فيظن من لا علم عنده بحقيقة الأمر أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لما مات دفنه الصحابة في المسجد وحاشاهم من ذلك وإنما دفنوه في البيت ثم حدث بعد ذلك ما ذكرنا، خلافاً لما يظنه كثير من الجهال ومنهم واضع هذه القصة، الذي أعطي صورة للقبر مخالفة للواقع يومئذ وللصحابة رضي الله عنهم كما شرحه شيخ الإسلام وغيره من المحققين، وذكرت طرفاً منه في كتابي «تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد»، فليراجعه من شاء.
٢ - قوله:«ويمرغ وجهه عليه».قلت: وهذا دليل آخر على وضع هذه القصة وجهل واضعها، فإنه يصور لنا أن بلالاً رضي الله عنه من أولئك الجهلة الذين لا يقفون عند حدود الشرع إذا رأو القبور، فيفعلون عندها ما لا يجوز من الشركيات والوثنيات، كتلمس القبر والتسمح به وتقبيله، وغير ذلك مما هو مذكور في محله وإن كان يجيز ذلك بعض المتفقهة، الذين لا علم عندهم بالكتاب والسنة ينير بصائرهم وقلوبهم ممن يسايرون العامة على أهوائهم، ويبررون لهم كثيراً من ضلالاتهم.
ولقد أعجبني حقاً أن لا يكون الدكتور البوطي منهم في هذه المرة، فقد رأيته يقول في آداب زيارة قبره - صلى الله عليه وآله وسلم - (ص٥٢٣):
«فإياك أن تهجم عليه، أو تلتصق بالشبابيك، أو تتمسح بها كما يفعل كثير من الجهال، فتلك بدعة توشك أن تكون محرمة».
فهذا القول من الدكتور على مافيه من التردد في حكم ما ذكر مما يدل على أنه لم يفقه بعد قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «كل بدعة صلالة وكل ضلالة في النار» يدل دلاله واضحة على أنه لا يمكن أن يعتقد أن بلالاً مرغ وجهه على قبر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وهو