للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِيمَانًا، وَقَدْ سَمَّاهَا اللَّهُ إِيمَانًا بِقَوْلِهِ: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾ (١)، أَيْ: صَلَاتَكُمْ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ" (٢).

وَهَذَا قَوْلٌ أَهْلِ السُّنَّةِ قَاطِبَةً، حَكَى عَلَيْهِ إِجْمَاعَهُمْ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الأَئِمَّةِ، وَقَدْ حَكَاهُ الإِمَامُ الْمُطَّلِبِيُّ الشَّافِعِيِّ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ مِنَ الأَئِمَّةِ الْمَرْضِيِّينَ، قَالَ : وَكَانَ الإِجْمَاعُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِمَّنْ أَدْرَكْنَاهُمْ: أَنَّ الإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَنِيَّةٌ، لَا يُجْزِئُ وَاحِدٌ مِنَ الثَّلَاثَةِ إِلَّا بِالْآخَرِ" (٣).

قَالَ الإِمَامَانِ أَبُو زُرْعَةَ (ت: ٢٦٤ هـ) وَأَبُو حَاتِمٍ (ت: ٢٧٧ هـ) الرَّازِيَانِ: "أَدْرَكْنَا العُلَمَاءَ فِي جَمِيعِ الأَمْصَارِ: حِجَازًا، وَعِرَاقًا، وَمِصْرًا، وَشَامًا، وَيَمَنًا، فَكَانَ مِنْ مَذَاهِبِهِمْ: أَنَّ الإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ (٤).

وَنَقَلَ هَذَا الْمُعْتَقَدَ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَّامَةُ بِلَادِ الْأَنْدَلُسِ فِي زَمَانِهِ الإِمَامُ ابْنُ أَبِي زَمَنَيْنِ الْمَالِكِيُّ (ت: ٣٩٩ هـ)، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ : "وَمِنْ قَوْلِ أَهْلِ السُّنَّةِ: أَنَّ الإِيمَانَ إِخْلَاصٌ للهِ بِالقُلُوبِ، وَشَهَادَةٌ بِالأَلْسِنَةِ، وَعَمَلٌ بِالجَوَارِحِ عَلَى نِيَّةٍ حَسَنَةٍ، وَإِصَابَةِ السُّنَّةِ" (٥).

وَأَقرَّهُ عَلَى ذَلِكَ الحَافِظُ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي كِتَابِ التَّمْهِيدِ بِقَوْلِهِ: "أَجْمَعَ


(١) سورة البقرة، الآية: (١٤٣).
(٢) (٣/ ٢٠٥) من قسم التحقيق.
(٣) شرح أُصُولِ اعْتِقادِ أَهْلِ السُّنَّةِ والجَمَاعَة للإمام اللالكائي (٥/ ٩٦٥).
(٤) المصدر السابق (١/ ١٩٨).
(٥) أصول السنة، لابن أبي زمنين (ص: ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>