للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَهْلُ الفِقْهِ وَالحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، وَلَا عَمَلَ إِلَّا بِنِيَّةٍ، وَالإِيمَانُ عِنْدَهُمْ يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ، وَيَنْقُصُ بِالمَعْصِيَةِ، وَالطَّاعَاتُ كُلُّهَا عِنْدَهُمْ إِيمَانٌ" (١).

وَقَالَ أَيْضًا: "وَأَمَّا سَائِرُ الفُقَهَاءِ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالآثَارِ: بِالحِجَازِ وَالعِرَاقِ وَالشَّامِ وَمِصْرَ؛ وَمِنْهُمْ: مَالِكٌ بْنُ أَنَسٍ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهُويَهِ، وَأَبُو عُبَيدٍ القَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ، وَدَاوِدُ بْنُ عَلِيٍّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ، وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ فَقَالُوا: الإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ؛ قَوْلٌ بِاللِّسَانِ وَهُوَ الإِقْرَارُ، وَاعْتِقَادُ بِالقَلْبِ، وَعَمَلٌ بِالجَوَارِحِ، مَعَ الإِخْلَاصِ بِالنِّيَّةِ الصَّادِقَةِ، قَالُوا: كُلُّ مَا يُطَاعُ اللَّهُ ﷿ بِهِ مِنْ فَرِيضَةٍ وَنَافِلَةٍ فَهُوَ مِنَ الإِيمَانِ" (٢).

وَالْمُتَأَمِّلُ فِي عِبَارَاتِ السَّلَفِ فِي بَيَانِ هَذَا الْمُعْتَقَدِ يَجِدُهَا مُتَنَوِّعَةٌ لَفْظًا، فَتَارَةً يَقُولُونَ: "الإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، وَمِنْ عِبَارَاتِهِمْ: "الإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَنِيَّةٌ"، وَيَقُولُونَ أَيْضًا: الإِيمَانُ اعْتِقَادٌ بِالقَلْبِ، وَقَوْلٌ بِاللِّسَانِ، وَعَمَلٌ بِالجَوَارِحِ وَرُبَّمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: "الإِيمَانُ هُوَ المَعْرِفَةُ وَالإِقْرَارُ وَالعَمَلُ" … إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ العِبَارَاتِ الْمَأْثُورَةِ مِمَّا أَوْدَعَهُ الأَئِمَّةُ فِي مُصَنَّفَاتِهِمْ، وَقَدْ أَوْضَحَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ أَنَّ الاخْتِلَافَ بَيْنَهَا مِنْ بَابِ اخْتِلَافِ التَّنَوُّعِ، وَبَيَّنَ أَنَّهَا مُتَّفِقَةٌ مَعْنًى، فَقَالَ : "وَالْمَأْثُورُ عَنِ الصَّحَابَةِ وَأَئِمَّةِ التَّابِعِينَ وَجُمْهُورِ السَّلَفِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الحَدِيثِ، وَهُوَ الْمَنْسُوبُ إِلَى أَهْلِ السُّنَّةِ: أَنَّ الإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، يَزِيدُ


(١) التمهيد لابن عبد البر (٩/ ٢٣٨).
(٢) المصدر السابق: (٩/ ٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>