للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هِيَ عِنْدَ اللهِ ذُنُوبٌ، وَهُمْ يَمْدَحُونَهُ بِهَا فِي البُكَاءِ، وَهُوَ يُعَذَّبُ بِذَلِكَ.

وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ وَيَحْزَنُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ، أَيْ: يَسُوؤُهُ [إِتْيَانُ] (١) مَا يَكْرَهُهُ رَبُّهُ.

وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ قَيْلَةَ: (لَقَدْ وَلَدْتُهُ حِزَامًا، فَقَاتَلَ مَعَكَ يَوْمَ الرَّبَذَةِ) (٢)، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بُكَاءَ الْمَيِّتِ تَعْذِيبٌ مِنَ الحَيِّ لَهُ لَا مِنَ اللهِ، وَقَدْ رُوِيَ: (إِنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَى أَقْرِبَائِكُمْ مِنْ مَوْتَاكُمْ، فَمَا رَأَوا خَيْرًا فَرِحُوا بِهِ، وَإِنْ رَأَوا


(١) سَاقِطَةٌ منَ المخطُوطِ، والاسْتِدْراكُ مِنْ شَرْحِ ابن بَطَّالٍ (٣/ ٢٧٤).
(٢) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (١/ ٣١٧)، وابن أبي خَيثَمة في تاريخه - مُطَوَّلا - (٢/ ٨٢٩) فما بعدها) والطبراني في الكبير (٢٥/ ٧ - ١١)، - ومن طريقه المزي في تهذيب الكمال (٣٥/ ٢٧٥) فما بعدها) من طريق عبد الله بن حَسَّان العَنْبَري عن جَدَّتَيْه صَفِيَّة ودُحَيْبَة ابنتا عُلَيْبَة عن قيلة به. قلتُ: وقع في المعجم الكبير (ولدته حَرامًا)، وهو تَصْحِيفٌ.
وأخرجه مختصرا أبو عبيد في الأموال (رقم ٧٣٨) ومن طريقه ابن زَنْجُويه في الأموال (رقم/: ١٠٩٠)، والبخاريُّ في الأدب المفرد (رقم: ١١٨٧)، وأبو داود (رقم: ٣٠٧٠)، والترمذي (رقم: (٢٨١٤)، والحَرِبيُّ في غريب الحديث (٢/ ٣٩٢)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (رقم ٣٤٩٢)، والخطابي في غريب الحديث (١/ ٣٤١)، وابن منده كما قال الحافظ في الإصابة في تمييز الصحابة (٨/ ٨٤)، من طريق عبد الله بن حَسَّان به.
قال الترمذي: "حَديثُ قَيْلَة لا نَعْرِفُهُ إِلا مِنْ حَدِيث عَبْدِ الله بن حَسَّان"، وقال الحافظُ ابن عبدِ البَرِّ في الاستيعاب (٤/ ١٩٠٦): وقَدْ شَرَحَ حَدِيثَها - يَقْصِدُ قَيْلَة بنت مَخْرمة - أَهْلُ العِلْم بالحَدِيثِ، فهو حَدِيثٌ حَسَن"! قلتُ: ولَعَلَّه يَقْصِد الحُسْنَ الُّلغَوِيَّ، ففي الإصابة لابنِ حَجَرٍ: "قال أبو عمر: هُو حَدِيثُ طويلٌ فَصِيحٌ حَسَنٌ، وقَدْ شَرَحَه أَهلُ العِلْمِ بِالغَرِيب".
قلت: هذا سندٌ ضَعِيفٌ، عبد الله بن حسَّان، قال الذهبي في تاريخ الإسلام: "لم أرَ بِه بَأْسًا"، ووثَّقه في الكَاشِف، وقال ابن حجر في التقريب: مقبول.
وجَدَّتاه: دُحَيْبة، وصَفِيَّة ابنتا عُلَيْبة قال فيهما الحافظ في التقريب "مقبولة"، ولا مُتابعَ لهَؤُلاءِ الثَّلاثة.

<<  <  ج: ص:  >  >>