للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: ظَاهِرُ قَوْلِهِ: (أَوْ مُسْلِمًا) يُوجِبُ الفَرْقَ بَيْنَ الإِيمَانِ وَالإِسْلَامِ، وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ الكَلَامَ فِي ذَلِكَ، وَمِنْ أَحْسَنِ مَا قَالُوا: إِنَّ الإِيمَانَ وَالإِسْلَامَ قَدْ يَجْتَمِعَانِ فِي مَوَاضِعَ، فَيُقَالُ لِلْمُسْلِمٍ مُؤْمِنٌ، وَلِلْمُؤْمِنِ مُسْلِمٌ، وَيَفْتَرِقَانِ فِي مَوَاضِعَ، فَلَا يُقَالُ لِكُلِّ مُسْلِمٍ مُؤْمِنٌ، وَيُقَالُ لِكُلِّ مُؤْمِن مُسْلِمٌ (١).

فَالْمَوْضِعُ الَّذِي يَتَّفِقَـ[ـانِ] (٢) فِيهِ هُوَ أَنْ يَسْتَوِي الظَّاهِرُ وَالبَاطِنُ، وَالْمَوْضِعُ الَّذِي لَا يَتَّفِقَانِ فِيهِ: أَنْ لَا يَسْتَوِيَا، وَيُقَالُ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ: مُسْلِمٌ أَيْ: مُسْتَسْلِمٌ، وَهُوَ مَعْنَى مَا جَاءَ فِي الحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ : (أَوْ مُسْلِمًا)، وَكَذَلِكَ مَعْنَى الآيَةِ فِي قَوْلِهِ ﷿: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾ (٣) أَيْ: اسْتَسْلَمْنَا.

وَفِي الإِسْلَامِ بِمَعْنَى الاِسْتِسْلَامِ: قَوْلُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بن نُفَيْلٍ (٤): [مِنَ الْمُتَقَارِب]

أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِمَنْ أَسْلَمَتْ * لَهُ الْأَرْضِ تَحْمِلُ صَخْرًا ثِقَالَا

فَقَوْلُهُ: (أَقْبِلْ أَيْ سَعْدُ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ (٥): أَقْبِلْ بِقَطْعِ الأَلِفِ مِنَ الإِقْبَالِ،


(١) ينظر تفصيل هذه المسألة في كتب العقيدة:
اعتقاد أئمة الحديث لأبي بكر الإسماعيلي (ص: ٦٧)، والحُجَّة في بيان المحجة للمؤلف (٢/ ٧٣٢)، وتفسير ابن جرير الطبري (٢٢/ ٣١٤)، وينظر ما تَقَدَّمتِ الإشارةُ إليه في قِسْم الدِّراسَة عندَ الحَدِيث عَن علوم المصَنِّف قِوَام السُّنَّة .
(٢) ساقطة من المخطوط، والسِّيَاق يَقْتَضيها.
(٣) سورة الحجرات، الآية (١٤).
(٤) البيتُ نَسَبه لَه: ابن جرير في تفسيره (٢/ ٥١١)، وابن هشام في سيرته (٢/ ٦٠).
(٥) نقل هذه العِبارة عن قِوام السُنَّة التيمي كل من البّرماوي في اللامع الصبيح (٥/ ٤٥٣)، والعَيني في عمدة القاري (٩/ ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>