للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَأَنَّهَ لَمَّا قَالَ ذَلِكَ تَوَلَّى لِيَذْهَبَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ : (أَقْبِلْ)، لِيُبَيِّنَ لَهُ وَجْهَ الإِعْطَاء وَالْمَنْعِ.

وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: (اقْبَلْ) بِوَصْلِ الأَلِفِ مِنَ القَبُولِ أَيْ: اقْبَلْ مَا أَنَا قَائِلٌ [لَكَ] (١) وَلَا تَعْتَرِضْ عَلَيْهِ.

وَفِي كَثِيرٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ: (أَقِتالًا أَيْ سَعْدُ) (٢) عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرُ قَاتَلَ، وَهُوَ نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ: أَتُقَاتِلُ قِتَالًا، أَيْ: تُعَارِضُ فِيمَا أَقُولُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، كَأَنَّكَ تُقَاتِلُ (٣).

وَقَوْلُهُ: (أَيْ سَعْدُ) هُوَ مُنَادَى مُفْرَدٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الضِّمِّ.

وَ (أَيْ) حَرْفُ نِدَاءٍ، وَإِنَّمَا أَعْطَى الرَّجُلَ لِيَتَأَلَّفَهُ لِيَسْتَقِرَّ عَلَى الإِيمَانِ قَلْبُهُ، وَعَلِمَ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يُعْطِهِ قَالَ قَولًا أَوْ فَعَلَ فِعْلًا دَخَلَ بِهِ النَّارَ، فَأَعْطَاهُ شَفَقَةً عَلَيْهِ، وَمَنَعَ الآخَرَ عِلْمًا مِنْهُ بِرُسُوخِ الإِيمَانِ فِي صَدْرِهِ، وَوُثُوقًا عَلَى صَبْرِهِ فِي كُلِّ الأَحْوَالِ.

كَرِهَ لِسَعْدٍ أَنْ يُطْلِقَ القَوْلَ فِي حَقِّهِ بِالإِيمَانِ، وَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا لِئَلَّا يَحْكُمَ بِإِيمَانِ الْمُؤْمِنِ لِمَا يَخَافُ عَلَيْهِ فِي العَاقِبَةِ، وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُحْكَمَ بِإِيمَانِ غَيْرِهِ، كَمَا حَكَمَ سَعْدٌ بِإِيمَانِ هَذَا، وَذَاكَ الغَيْرُ [المُؤْمِنِ] (٤) مُسْلِمٌ مُسْتَسْلِمُ، قَطَعَ مَادَّةَ الشَّهَادَةِ.


(١) ساقطة من المخطوط، والاستدراك من عمدة القاري (٩/ ٦٣).
(٢) هي رواية مسلم: أخرجها في كتاب الإيمان رقم: (٢٣٦).
(٣) إلى هنا انتهى نقل العيني في كتابه عمدة القاري (٩/ ٦٣).
(٤) زيادة يقتضيها سياق الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>