للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ قَالَ: "وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ مَذْهَبَ أَهْلِ السُّنَّةِ إِثْبَاتُ عَذَابِ القَبْرِ كَمَا ذَكَرْنَا، خِلافًا لِلْخَوَارِجِ وَمُعْظَمِ الْمُعْتَزِلَةِ وَبَعْضِ الْمُرْجِئَةِ" (١).

وَقَالَ شَارِحُ الطَّحَاوِيَّةِ الإِمَامُ ابْنُ أَبِي العِزِّ الحَنَفِيُّ : "وَقَدْ تَوَاتَرَتِ الأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللهِ فِي ثُبُوتِ عَذَابِ القَبْرِ وَنَعَيمِهِ لِمَنْ كَانَ لِذَلِكَ أَهْلًا، وَسُؤَالِ المَلَكَيْنِ، فَيَجِبُ اعْتِقَادُ ثُبُوتِ ذَلِكَ، وَالإِيمَانُ بِهِ، وَلَا نَتَكَلَّمُ فِي كَيْفِيَّتِهِ، إِذْ لَيْسَ لِلْعَقْلِ وُقُوفٌ عَلَى كَيْفِيَّتِهِ، لِكَوْنِهِ لَا عَهْدَ لَهُ بِهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ، وَالشَّرْعُ لَا يَأْتِي بِمَا تُحِيلُهُ الْعُقُولُ، وَلَكِنَّهُ قَدْ يَأْتِي بِمَا تَحَارُ فِيهِ الْعُقُولُ" (٢).

قُلْتُ: وَمِمَّنْ نَقَلَ إِجْمَاعَ السَّلَفِ الصَّالِح مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، فَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الأَئِمَّةِ المَرْضِيِّينَ عَلَى هَذِهِ العَقِيدَة: الإِمَامُ المُطَّلِبِيُّ الشَّافِعِيُّ فِي "الرِّسَالَةِ" (٣)، وَالإِمَامُ أَبُو الحَسَنِ الأَشْعَرِيُّ فِي كِتَابَيْهِ: "الإِبَانَةُ عَنْ أُصُولِ الدِّيَانَةِ" (٤) - وَاسْتَعْرَضَ فِيهِ أَدِلَّةَ الشَّرْعِ عَلَى وُقُوعِهِ - وَفِي كِتَابِهِ الآخَرِ: "رِسَالَةٌ إِلَى أَهْلِ الثَّغْرِ" (٥)، وَالحَافِظُ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ فِي "الاسْتِذْكَارِ" (٦)، وَالعَلَّامَةُ ابْنُ القَطَّانِ الفَاسِيُّ فِي كِتَابِهِ: "الإِقْنَاعُ فِي مَسَائِلِ الإِجْمَاعِ" (٧)، وَغَيْرُهُمْ.

قَالَ الإِمَامُ ابن أَبِي زَمَنَيْنِ الْمَالِكِيُّ الأَنْدَلُسِيُّ مُقَرِّرًا مَذْهَبَ أَهْلِ السُّنَّةِ


(١) شرح صحيح مسلم للنووي (١٧/ ٢٠٠ - ٢٠١).
(٢) شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي (ص: ٣٩٥).
(٣) الرسالة للشافعي (ص: ٢٧٩).
(٤) الإبانة عن أصول الديانة للأشعري (ص: ١٥).
(٥) رسالة إلى أهل الثغر لأبي الحسن الأشعري (ص: ٢٧٩) فما بعدها.
(٦) الاستذكار للحافظ ابن عبد البر (٧/ ١١٥).
(٧) الإقناع في مسائل الإجماع لابن القطان الفاسي (١/ ٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>