قلت: والخلافُ في هَذهِ المَسْأَلة قديمٌ، ومذهبُ جماهير العُلماء أنَّ ذَلِكَ منصُوصٌ كَقَوْل عَطاء، ولذلك قالَ ابن الملَقِّن في التوضيح لشرح الجامع الصحيح (١١/ ٥٦) بعد ذِكْرِهِ مُرْسَل عَطاء: "وهذا مُرسلٌ يعتضِدُ بقيامِ الإِجْماع على مُقتضاه". قلت: ويشهدُ لَه ما أخرجه مسلم (رقم: ١١٨٣) عن أبي الزُّبير أنَّه سمعَ جابِر بن عبدِ اللهُ ﵁ يَسْأَل عن الْمهلِّ، فقال: سمعتُ ثُمَّ انتهى فقال: - أراه يعني - النبيَّ ﷺ، هَكَذَا عَلَى الشَّكَّ. وقد ورد من رواية ابن لهيعةَ عن أبي الزُّبير، بلا شَكّ عند أحمدَ في الْمُسْند (٣/ ٣٣٦)، والبَيهقي في الكبرى (٥/ ٢٧)، ولا يقال إنَّه ضعيفٌ لاخْتِلاطِ ابن لهيعة، لأنَّ الرَّاوي عنه كما عند البَيهقيِّ هُو عبدُ الله بن وهب، وهو أحدُ العَبادِلة الَّذِين تُقْبَل رِوايتُهم عَنه كما في تقريب التهذيب لابن حجر. وله شاهدٌ من حَديثِ أُم المؤمنين عائشة ﵂، عند، عند أبي داود (رقم: ١٧٣٩)، والنسائي (رقم: ٢٦٥٦)، والبيهقي في الكبرى (٥/ ٢٨) من طُرُقٍ عن القاسم بن محمَّدٍ عنها به نحوه مرفوعا. ولذلك قال الحافظ في الفتح (٣/ ٣٩٠) إشارة إلى طرقه: "وهذا يدلُّ عَلَى أَنَّ الْحَدِيث أَصْلا"، ثُمَّ جمعَ بَيْن القَوْلَيْن فقالَ: "فلعلَّ من قال إنَّه غير منصُوص لم يبلغه، أو رَأَى ضَعْفَ الحَدِيث، باعْتِبارِ أنَّ كُلَّ طريقٍ لا يَخْلُو من مَقالٍ، ثُمَّ نقل كلام ابن خُزيمةَ وابن الْمُنْذِرِ فِي تَضْعِيفَ هَذِهِ الأحاديث، وقالَ: لَكِنَّ الحَدِيثَ بِمجمُوعِ الطُّرْق يَقوَى كما ذكرنا". وينظر: البدر المنير لابن الملقن (٦/ ٨٦) فما بعدها. (٢) كتاب الأم للشافعي (٢/ ١٣٨).