للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَضَاءُ بِالتَّحَلُّلِ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي أُحْصِرَ عَنْهُ حَجَّةَ تَطَوُّعٍ أَوْ عُمْرَةَ تَطَوُّعٍ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاؤُهَا، وَإِنْ كَانَ حَجَّةَ الإِسْلَامِ أَوْ عُمْرَةَ الإِسْلَامِ فَإِنْ كَانَ قَدِ اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَ هَذِهِ السَّنَةِ تَكُونُ بَاقِيَةً فِي ذِمَّتِهِ (١)، لأَنَّ جَمِيعَ شَرَائِطِ الحَجِّ لَمْ تُوجَدْ، فَعَلَى هَذَا التَّحَلُّلُ بِالحَصْرِ لَا يُوجِبُ القَضَاءَ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٢): إِذَا تَحَلَّلَ الْمُحْصَرُ لَزِمَهُ القَضَاءُ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ هُوَ أَنَّ النَّبِيَّ خَرَجَ عَامَ الحُدَيْبِيَّةِ فِي أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ يُحْرِمُونَ بِالعُمْرَةِ، فَحَصَرَهُمْ العَدُوُّ، فَتَحَلَّلُوا، فَلَمَّا كَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ عَادَ فِي آخِرٍ بِعَدَدٍ دُونَهُمْ، فَلَوْ كَانَ القَضَاءُ لَوَجَبَ عَلَى جَمَاعَتِهِمْ، وَلأَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ، وَلَكَانُوا قَدْ فَعَلُوهُ، وَلَوْ فَعَلُوهُ لَنُقِلَ نَقْلًا عامًا أَوْ خَاصًا (٣).

قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: فِي إِيجَابِ القَضَاءِ فِي الحَصْرِ العَامِّ مَشَقَّةٌ، لِأَنَّ النَّاسَ يَشْتَرِكُونَ فِيهِ، فَأُسْقِطَ ذَلِكَ، وَالخَاصُّ يَنْفَرِدُ بِهِ آحَادُ النَّاسِ، فَلَا تَعُمُّ لَهُمُ الْمَشَقَّةُ وَالضَّرَرِيَّة.


(١) كأنه يُوجَد هَا هنا سَقْطٌ، وبدُونِه يختلُّ مَعْنى الكلام.
(٢) ينظر: مختصر الطحاوي (ص:٧١)، مختصر القدوري (١/ ٢١٨ - ٢١٩)، شرح فتح القدير لابن الهمام (٣/ ١٣١).
(٣) ينظر: الحاوي الكبير للماوردي (٤/ ٣٥٢)، وهَذا بِعَيْنِه ما يَسْتَدلُّ بِهِ المالكيَّة كَمَا فِي الإشرافِ للقاضي عبد الوهَّاب (٢/ ٤١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>