للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْمَعْنَى؟ وَهَذَا أَشْبَهُ، والدَّليلُ عَلَى أَنَّ هَذَا مُجْمَلٌ هُوَ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُمكِنْ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَاحْتَاجَ إِلَى بَيَانِ كَانَ مُجْمَلًا، كَقولِهِ تَعَالَى: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ (١)، لأَنَّ الْمُجْمَلَ مَا لَوْ خُلِّينَا وَظَاهِرَهُ أَمْكَنَ التَّعليقُ بِهِ.

وقِيلَ: الْمُجْمَلُ: مَا احتاجَ إِلى بَيانٍ لِيُعْلَمَ بِهِ اللَّفْظُ، وأَمَّا مَا يَحتَاجُ إلى بيَانٍ لِيُعْلَمَ بِهِ مَا لَم يُرَدْ بِهِ اللَّفْظُ يَكُونُ عَامًّا دَخَلَهُ التَّخْصِيصُ، وَلَا يَكُونُ مُجْمَلًا.

وأمَّا الاحْتِمَالُ الرَّابِعُ: أَنَّ الآيَةَ تَحْتَمِلُ الإِجْمَالَ، وَتَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ دَخَلَهُ التَّخْصِيصُ.

وأَمَّا الخَامِسُ: فَذَكَرَ أَنَّهُ يَحتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَبَاحَ كُلَّ بَيْعٍ إِلَّا مَا حَرَّمَهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ ، وَصُورَةُ هَذَا أَنْ تَكُونَ الآيَةُ وَرَدَتْ مُطْلَقَةً فِي الإِبَاحَةِ، ولِكنَّ المرادَ بهِ إبَاحَةُ كُلِّ بيعٍ إلَّا مَا يلزمُهُ النَّبيُّ في الثَّاني، فَيُخَصُّ ذَلِكَ مِن جُملتِهَا.

واخْتَارَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بالآيةِ هذَا القِسْمُ دُونَ غَيْرِهِ (٢)، لِأَنَّهُ قالَ: فلَمَّا أباحَ الله تعالى بُيوعًا ترَاضَى بهَا الْمُتَبَايِعَانِ، اسْتَدْلَلْنَا عَلَى أَنَّهُ أَبَاحَ كُلَّ بَيْعٍ إِلَّا مَا حَرَّمَهُ عَلَى لِسانِ رَسُولِهِ ، فبيَّن أنَّ هذَا هُوَ الْمُرادُ، بالآيةِ.

وأَمَّا قَوْلُه تعالى: ﴿لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ (٣)، فإنَّما نَصَّ عَلَى النَّهْي عَنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالبَاطِلِ؛


(١) سورة الأنعام، الآية: (١٤١).
(٢) ينظر: الأم للشافعي (٣/ ٣).
(٣) سورة النساء، الآية: (٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>