للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهَذَا مِمَّا أُمِرَ النَّبِيُّ أَنْ يُبَيِّنَ لِلنَّاسِ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لَهم أَنْ يُحِلُّوا أَوْ يُحَرِّمُوا إِلَّا مَا أَبَانَ الله لَهُمْ تَحْلِيلَهُ أَوْ تَحْرِيمَهُ، وأَنَّ مَا اشْتَبَهَ عَلَيْهِم يَجِبُ عَلَيْهِم أَنْ يَكِلُوا عِلْمَهُم إِلَى عَالِمِهِ، إِذِ النَّبِيُّ لَمَّا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الضَّبُّ أَهُوَ مِمَّا مُسِخَ أَمْ لَا؟ لم يَتَقَدَّم علَى القَوْلِ بِتَحْرِيمهِ ولَا تحْلِيلِهِ.

وقدْ أُتِيَ بِالْمُتَلاعِنَيْنِ فَسَكَتَ عَنِ الفُتْيَا فِيهِ وَالْحُكْمِ بَينَهُمَا، وَانتَظَرَ القَضَاءَ حتَّى نَزَلَتِ الْآيَةُ (١)، فَبَيّنَ اللهُ الحُكْمَ، فَحَكَمَ بَيْنَهُما بما أمَرهُ الله ﷿.

ورُوي عَنهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ خَيْرِ الْبَقَاعِ وَشَرِّ الْبِقَاعِ؟ فَقَالَ: لَا أَدْرِي، حَتَّى أعْلَمَهُ جِبريلُ (٢).

ومِن هذَا الجِنْسِ أَيْضًا: ارْتيَابُ النَّبيِّ فِي الفأرِ أهُو ممَّا مُسِخَ أم لَا (٣)؟ فَلَمَّا أَخْبِرَ أَنَّ مَا مُسِخَ لَم يَكنْ لَهُ نَسْلٌ ولَا عَقِبٌ، عُلِمَ أَنَّ الضّبَّ والْفَأرَ لَيْسَا مِمَّا مُسِخَ.


(١) أخرجه البخاري (رقم: ٤٧٤٧) من حديث ابن عباس، وأخرجه مسلم (رقم: ١٤٩٣) من حديث ابن عمر بنحوه.
(٢) أخرجه ابن حبان في صحيحه كما في الإحسان (٤/ ٤٧٦)، والحاكم في المستدرك (١/ ١٦٧)، والحارث بن أسامة في مسنده كما في بغية الباحث (١/ ٢٤٩)، والبيهقي في الكبرى (٣/ ٦٥) و (٧/ ٥٠) من طرق عن جرير بن عبد الحميد عن عطاء بن السائب عن محارب بن دِثار عن عُمرَ أنَّ رَجُلا سَأَلَ النَّبي : أيُّ البقاع شَرٌّ؟ فقال: لا أدري .... ).
قلت: هذا سندٌ ضَعِيفٌ؛ عَطَاءُ بنُ السَّائب اخْتَلَط بأَخَرَة، وجَرِيرٌ ممَّن سَمِعَ مِنْهُ بَعْدَ اخْتِلاطه كَمَا نَصَّ عليه ابن الكيَّال في الكَواكب النيرات ص (٣٢٢ - ٣٢٣).
لكن يَشْهَدُ له حديثُ أبي هُريرة، أخرجه مسلم (رقم: (٦٧١)، وحديث جُبيْر بن مُطْعم وسنده صحيح، أخرجه أحمد (٤/ ٨١) والحاكم في المستدرك (١/ ٨٩ - ٩٠) وغيرهما.
(٣) أخرجه مسلم (رقم: ٢٩٩٧) عن أبي هريرة .

<<  <  ج: ص:  >  >>