لَهُ مَا تَقَدَّم مِن ذَنْبِهِ ومَا تَأَخَّرَ لَمْ يَدْرِ مَا يُفعَلُ بِهِ، فَلَّمَا دَرَى أَعْلَمَ النَّاسَ ذَلكَ.
ومِن الْمُشْتَبِهَاتِ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرءِ اجتِنَابُهُ ولَا يجوزُ لَهُ التَّقدُّمُ علَيهِ، وَذَلكَ كرجُلٍ شَكَّ في امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجَهَا نِكاحًا صَحِيحًا أَمْ لَا؟ أَوْ شَكَّ فِي أَمَةٍ: أوهِبَتْ لَهُ أَوَ مَلَكَهَا مِلْكًا صَحِيحًا؟ أَوْ شَكَّ فِي مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلكَ مِمَّا يَمْلِكُه الآدَمِيُّونَ هَلْ مَلَكَهُ بِمَعْنًى مِنْ مَعَانِي الْمُلْكِ أَم لَا؟ فَهَذَا وأَمثالُهُ يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ اجْتِنَابُهُ، فَلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْءُ فَرْجٍ، وَلَا أَكْلُ مَأْكُولٍ، وَلَا شُرْبُ مَشْرُوبٍ عَلَى هَذِهِ الحَالِ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ الْمُلكَ، إِذِ اليَقِينُ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ، فَلَمَّا اسْتَيْقَنَ أَنَّ غَيْرَهُ كَانَ مَالِكًا لِذَلِكَ في وَقْتٍ ثُم شَكَّ هَلْ ذَاكَ مَلَكَ ذَلِكَ عَنْهُ، وَمَلَكَهُ هُوَ فِي الْوَقْتِ الثَّانِي أَمْ لَا؟ بَطَلَ أنْ يَزُولَ مِلْكٌ بِيقِينٍ مِثْلِهِ.
ومِن ذَلكَ حَدِيثُ الصَّيدِ؛ لَمَّا شَكَّ مُرْسِلُ الْكَلْبِ فِي خُرُوجِ الرُّوحِ مِنَ الصَّيْدِ أكَانَ بِأخْذِ الْكَلْبِ الْمُعَلَّم الَّذِي يَجُوزُ أَكْلُ صَيْدِهِ؟ أَوْ بِأَخْذِ الْكَلْبِ غَيْرِ الْمُعَلَّمِ الَّذِي لم يُرسِلْه الصَّائِدُ الَّذِي لَا يَجُوزُ أَكْلُ صَيْدِهِ إِذَا لَمْ يُدْرِكْ ذَكَاتَهُ؟ زَجَرَ النَّبِيُّ ﵁ عَنْ أَكْلِ الَّذِي خَرَجَ رُوحُه عَلَى هَذَا الحالِ إِذْ كَانَ الصَّيْدُ قَبْلَ خُرُوجِ الرُّوحِ مِنْهُ غَيْرَ جَائِزٍ أَكْلُهُ حَيًّا؛ فَلَمَّا خَرجَتْ رُوحُهُ ولَم يَعْلَمْ أَكَانَ بِاصْطِيَادِ كَلْبٍ يَكُونُ أَخْذُهُ ذَكَاةً؟ أَوْ بِاصْطِيادِ كَلْبٍ يَكُونُ أَخْذُهُ غَيْرَ ذَكَاةٍ؟ فَلَا يَحِلُّ أَكْلُهُ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ أَنَّ خُرُوجَ الرُّوحِ مِنْهُ كَانَ بِذَكَاةٍ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ الذَّكَاةِ.
ومِن الْمُشْتَبِهَاتِ: أَنْ يَكُونَ تَحْلِيلُ الشَّيْءِ وَإِبَاحَةُ فِعْلِهِ عَلَى الْمَرْءِ مُتَقَدِّمًا، ثُمَّ يَحْدُثَ حَادِثٌ، فَيَشُكَّ الْمَرْءُ فِيمَا كَانَ حَلَالًا لَهُ: أَحُرِّمَ عَلَيْهِ وَوَجَبَ اجْتِنَابهُ أَمْ لا؟ كَرَجُلٍ يَتَزَوَّجُ امْرَأَةً نِكَاحًا صَحِيحًا، أَوْ يَمْلِكُ جَارِيةً مِلْكًا صَحِيحًا، أو يملِكُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute