للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَالًا مِلكًا حَلَالًا، ثُمَّ شَكَّ أَحُرِّمَتْ عليهِ امْرَأَتُهُ بِطَلَاقٍ أَوْ [فَسْخٍ] (١)، أو حُرِّمَتْ عَلَيْهِ الجَارِيَةُ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ، أَوْ زَالَ مِلْكُ الْمَالِ عَنْهُ بِمَعْنًى مِنَ المَعَانِي أَمْ لَا؟ فهذَا وأَمْثَالُهُ لَا يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْءِ؛ لأنَّ مَا كَانَ حَلَالًا بِيقينٍ لَا يَحْرُمُ بِشَكٍّ، ولَا يَحْرُمُ إِلَّا بِيَقِينٍ.

وأَصْلُ هَذَا البَابِ: قَوْلُ النَّبِيِّ : (إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ أَنَّهُ قَد أحدَثَ فَلَا يَنصَرِفَنَّ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا) (٢).

أَخْبَرَ أَنَّ يَقِينَ الطَّهَارَةِ لَا يَزُولُ وَلَا يَنْتَقِلُ بالشَّكِّ، هذا المعنَى الثَّاني مِن الشُّبُهَاتِ.

والمعنَى الثَّالثُ: أنْ يَشتَبِهَ عَلَى الْمَرءِ الشَّيْءُ مِمَّا لَا يَكُونُ الْيَقِينُ بِتَحْلِيلِهِ ولَا تَحريمِهِ مُتَقَدَّمًا؛ كالرَّجلِ يَشُكُّ فِي امْرَأَةٍ بِعَيْنِهَا: فَلَا يَدْرِي أَهِيَ امْرَأَتُهُ أَمْ جَارِيَتُهُ؟ أَوْ هِي امْرَأَةُ غَيْرِهِ أَوْ جَارِيَةُ غَيْرِهِ؟

أَوْ يَشُكُّ في مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ، فَلَا يَدْرِي أَهُو مِلْكُهُ أَمْ مِلْكُ غَيْرِهِ؟ وَلَيْسَ هُنَاكَ تحريمٌ ولَا تَحليلٌ مُتَقدِّمٌ، فَهَذَا ومَا أَشْبَهَهُ يُؤْمَرُ الْمَرْءُ [بِاجْتِنَابِهِ] (٣)، ولَا يَجوزُ لِعَالمٍ ولَا مُفْتٍ أَنْ يُفْتِيَ أَحَدًا بِوَطْءِ فَرْجٍ هَذِهِ صِفَتُه، وَلَا بِأَكْلِ مَالٍ هَذِهِ حَالُهُ، غَيْرَ أَنَّ الأَكْلَ والشُّرْبَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ أَيْسَرُ خَطْبًا فِي الْمَأْثَمِ مِنَ الْوَطْءِ، إِذْ جَائِزٌ أَنْ يَتَحَلَّلَهُ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَيُطَيِّبَهُ لَهُ مَالِكُهُ، وَالفَرْجُ إِذَا وُطِئَ لَا


(١) في المخطوط (فسق)، والمثبت ما يقتضيه سياق الكلام.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) في المخطوط: (باجتهَادِهِ)، والمثبت هو الصواب الموافق لسياق الكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>