للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَفْعِ الطَّعَامِ، لأَنَّ الطَّعَامَ أَفْضَلُ مِنَ التَّمْرِ، فَإِنْ دَفَعَ ذَلِكَ بِرِضَاهُ قُبِلَ مِنهُ، لأَنَّهُ أَفْضَلُ مِمَّا لَزِمَهُ، وَعَلَى هَذَا تَرْتِيبُ الْأَخْبَارِ.

قَوْلُهُ: (رَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ)، أَيْ: إِنَّ ذَلِكَ هُوَ الْوَاجِبُ.

وَقُولُهُ: (لَا سَمْرَاءَ) أَيْ: لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ السَّمْرَاءِ.

وَقَوْلُهُ: (مِثْلَ أَوْ مِثْلَيْ لَبَنِهَا قَمْحًا) يَعنِي: أَنَّهُ إِنْ تَطَوَّعَ بِدَفْعِ ذَلِكَ قُبِلَ مِنْهُ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ (١): وإِنَّما أَوْجَبَ النَّبِيُّ رَدَّ الصَّاعَ مِنَ التَّمْرِ، لأَنَّهُ الْقُوتُ الْغَالِبُ بِالحِجازِ، فَنَبَّهَ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي كُلِّ بَلَدٍ مِنْ غَالِبِ قُوتِهِ، قالَ: وَعَلَى هَذَا تَرْتِيبُ الأَخْبَارِ.

فالَّذِي نَصَّ عَلَى التَّمْرِ أَرَادَ بِهِ فِي الْبِلادِ الَّتِي يُقْتَاتُ بهَا التَّمْرُ، وَالَّذِي نَصَّ عَلَى الْبُرِّ أَرَادَ بِهِ البلادَ الَّتِي يُقْتَاتُ فِيهَا الرُّطَبُ والتَّمْرُ فِيهَا غَالِبٌ مِنْ ذَلِكَ الْقُوتِ (٢).

فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ يُنظَرُ في الصَّاعِ؛ فإنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ نِصْفِ الشَّاةِ الْمَبِيعَةِ وَجَبَ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّهُ، وإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ قِيمَةِ الشَّاةِ، أَوْ مُعْظَمَ قِيمَتِهَا فِيهِ وَجْهَانِ (٣).


(١) ينظر: الحاوي الكبير للماوردي (٥/ ٢٤١)، وبحر المذهب للروياني (٤/ ٥٢٥)، ونَسَبَهُ إلى ابن سريج، والإصطرخي.
(٢) كذا في المخْطُوط، والظَّاهِر أنَّ في الكَلام تَحْرِيفا، وصَوَابُه: (أَرَادَ بِهِ البِلادَ الَّتِي يُقْتَاتُ فِيهَا الْبُرُّ).
(٣) ينظر: الحاوي الكبير للماوردي (٥/ ٢٤١)، المهذب للشيرازي (١/ ٢٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>