للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتَتْلَفَ، فَإِذَا بَدَا صَلَاحُهَا أُمِنَ مِنْ تَلَفِهَا، لأنَّهُ يَشْتَدُّ النَّوَى فِيهَا، وَيَغْلَظُ، وَيُؤْمَنُ تَلَفُهَا، وَهَذَا لَا يَتَعَلَّقُ بِطُلُوعِ الثُّرَيَّا، وإِنَّما يَتَعَلَّقُ بِتَغْيِيرِ صِفَةٍ فِي الثَّمْرَة.

فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا، فإِنَّهُ يُنْظَرُ فِي الثَّمَرَة، فَإِنْ كَانَتْ رُطَبًا فَبُدُوُّ الصَّلاحِ فِيهَا أَنْ تَصْفَرَّ أو تَحْمَرَّ، وإنْ كانَتْ عِنَبًا فَحَتَّى يَسْوَدَّ، وإنْ كانَ مِمَّا لَا يَسْوَّدُ ولا يَحْمَرُّ، وكَانَ مَا يَتَلَوَّن كَالعِنَبِ الرَّازِقِي وَمَا أَشْبَهَهُ، فَبَدُرُّ الصَّلَاحِ أَنْ تَدُورَ فِيهِ الحَلَاوَةُ، ويَطِيبَ أَكْلُهُ، وَعَلَى هَذَا حُكْمُ سَائِرِ الثِّمَارِ.

فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّهُ إِذَا كَانَتْ لِلرَّجُلِ ثِمَارٌ مِنْ أَجْنَاسٍ فِي حَائِطٍ وَاحِدٍ، قُبِلَ الصَّلاحُ فِي جِنْسٍ مِنْهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ بُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ الجِنْسِ فِي ذَلِكَ الحَائِطِ، وَلَا يَكونُ بُدرُّ الصَّلاحِ فِي جِنْسِ آخَرَ مِنْ ثَمَرَةِ ذَلِكَ الحَائِطِ.

وقال مالكٌ: إِذَا بَدَا الصَّلَاحُ في جِنْسٍ كَانَ بُدُرُّ الصَّلاحِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ الجِنْسِ بِذَلِكَ الْبَلَدِ (١).

دَلِيلُنَا: (نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعِنَبِ حَتَّى يَسْوَدَّ) (٢)، وَعِنْدَ مَالِكٍ: يَجُوزُ بَيْعُ الْعِنَبِ فِي حَائِطٍ قَبْلَ أَنْ يَسْوَدَّ إِذا اسْودَّ فِي حَائِطٍ آخَرَ.


(١) ينظر: الرسالة لابن أبي زيد (ص: ٢١٤)، التفريع لابن الجلاب (٢/ ١٤٣)، الكافي لابن عبد البر: (ص: ٣٣٣).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٧/ ١١٦)، وأحمد في المسند (٣/ ٢٢١ و ٢٥٠)، وأبو داود (رقم: ٣٣٧٣)، والترمذي: (رقم: ١٢٢٨)، وابن ماجه (رقم: ٢٢١٧)، والدارقطني في سننه (٣/ ٤٧ - ٤٨)، وابن حبان كما في الإحسان (١١/ ٣٦٩)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٢٣) والبيهقي في الكبرى (٥/ ٣٠١) جميعا من طرق عن حُمَيْدٍ الطَّويل، عن أَنَسٍ به موقوفا.
قال الحاكم: "صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ"، وَوَافَقَه الذَّهَبِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>