للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِثْل الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ، وَالْمُثْمَنِ فِي السَّلَمِ، وَالْمَهْرِ فِي النِّكَاحِ، وَالأُجْرَةِ في الإِجَارَةِ، وَالقُرُوضِ، وَأُرُوشِ الجِنَايَاتِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.

وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الله تَعَالَى نَصَّ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ الرَّهْنِ فِي ثَمَنِ الْبَيْعِ، وَكَانَ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ حَقٌّ لَازِمٌ فِي الدَّيْنِ، فَكُلُّ حَقٍّ لَازمٍ جَازَ أَخْذُ الرَّهْنِ بِهِ كَالدَّيْنِ.

وَلِأَنَّ الرَّهْنَ إِنَّمَا يُرَادُ لِلتَّوَثُّقِ حَتَّى إِذَا تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الحَقَّ أُخِذَ الرَّهْنُ بِهِ، فَإِذَا كَانَ الحَقُّ غَيْرَ لَازِمٍ، فَلَا مَعْنَى لِأَخْذِ الرَّهْنِ بِهِ.

وأَمَّا الكَفِيلُ في السَّلَم: فَالكَفِيلُ الزَّعِيمُ، والزَّعِيمُ الضَّمِينُ، والأَصْلُ فِي بَابِ الضَّمَانِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ﴾ (١)، أيْ: ضَامِنٌ، فَلَمَّا ذَكَرَ الضَّمَانَ، ولَم يُنْكِرْهُ [كَانَ دَلِيلًا] (٢) فِي جَوَازِهِ.

وأَمَّا مِنَ السُّنَّةِ: فَمَا رَوَى أَبُو أُمَامَةَ قَالَ: (خَطَبَ رَسُولُ اللهِ فَقَالَ: العَارِيَةُ مُؤَدَّاةٌ، وَالْمِنْحَةُ مَرْدُودَةٌ، وَالدَّيْنُ مَقْضِيٌّ، وَالزَّعِيمُ غَارِمٌ) (٣).


(١) سورة يوسف، الآية. (٧٢).
(٢) بياض في المخطوط، ولعلَّ المثبت هو الصَّواب الذي يقتَضِيه سياق الكلام.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٤/ ١٤٨) و (٨/ ١٨١)، وابن أبي شيبة في المصنف (٦/ ١٤٥)، وأحمد في المسند (٥/ ٢٦٧ و ٢٩٣)، وأبو داود (رقم: ٣٥٦٧)، والترمذي (رقم: ١٢٦٥)، (ورقم: ٢١٢٠) وابن ماجه (رقم: ٢٣٩٨)، والطبراني في الكبير (٨/ ١٣٥ و ١٣٧ و ١٣٨)، وابن حبان في صحيحه كما في الإحسان (١١/ ٤٩١)، والدارقطني في السنن (٣/ ٤٠)، والبيهقي الكبرى (٦/ ٨٨)، من طرق عن أبي أُمَامَة البَاهِليِّ به مَرْفُوعا.
قال الترمذي: "حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ".
والحديثُ حَسَّنَه ابن الملَقِّن في البَدْر الْمُنير (٦/ ٧٠٧)، ولَهُ طُرُقٌ أُخْرَى، فَانْظُرها فِيهِ غَيْرَ مَأْمُورٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>