للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِذَا ثَبَتَ جَوَازُ الزَّمَانِ فَإِنَّهُ يَفْتَقِرُ إِلَى ثَلَاثَةٍ: ضَامِنٍ، وَمَضمُونٍ لَهُ، وَمَضْمُونٍ عَنهُ.

فالظَّامِنُ: الَّذِي يَلْتَزِمُ فَيَضْمَنُ.

والْمَضْمُونُ عَنْهُ: هُو الَّذِي عَلَيهِ الحَقُّ فَيَضْمَنُ عنهُ، ولَا خِلافَ فِي الْمَذْهَبِ (١) أَنَّ رِضَا الْمَضْمُونِ لَهُ والْمَضْمُون عَنْهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ الضَّمَانِ، فإِذَا ضَمِنَ عَنْ رَجُلٍ حَقًّا بِغَيْرِ إِذْنِهِ صَحَّ ذَلِكَ، وتَعَلَّقَ الحَقُّ بِذِمَّةِ الضَّامِنِ.

وقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٢): لَا يَصِحُّ أنْ يُضْمَنَ إِلَّا بِإِذْنِهِ، إِلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ حَكَاهَا الطَّحَاوِيُّ (٣)، وَهُوَ إِذَا حَضَرَتهُ الْوَفَاةُ فَقَالَ لِوَرَثَتِهِ: عَلَيَّ دَيْنٌ فَاضْمَنُوهُ لِي، فَضَمِنُوهُ صَحَّ الضَّمَانُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِهِ اسْتِحْسَانًا.

ودَليلُ الشَّافِعِيِّ هُو أَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ فَصَحَّ ضَمَانُهُ، قِيَاسًا عَلَى الْمَسْأَلَةِ الَّتي ذَكَرْنَاهَا.

والدَّلالة على أنَّ رِضَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ هُوَ أَنَّهُ إِنْ قُضِيَ عَنْهُ الدَّيْنُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَرِضَاهُ جَازَ، فَكَذَلِكَ إِذَا ضَمِنهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ.


(١) نقل أبو إسحاق الشيرازي في المهذب (١/ ٣٤٠) الخِلافَ في المذْهَب فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَة، فَقَالَ: "قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبريُّ: يُعْتَبَر رِضَاهُ، لأَنَّهُ إِثْبَاتُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدٍ لازِمٍ .... وَقَالَ أَبُو العَبَّاس: لا يُعتَبر .. ".
وينظر أيضا الحاوي الكبير للماوردي (٦/ ٤٣٤ - ٤٣٥).
(٢) ينظر: فتح القدير لابن الهمام (٧/ ١٨٨ - ١٨٩)، تبيين الحقائق للزيلعي (٣/ ١٥٥).
(٣) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي (٤/ ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>