للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي رِوَايَةٍ: فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ : (حَقُّ الغَرِيمِ وَبَرِئَ مِنْهُ الْمَيِّتُ؟ فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: نَعَمْ، فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ غَدَا أَبُو قَتَادَةَ عَلَى رَسُولِ اللهِ فَقَالَ: مَا فَعَلَ الدِّينَارَانِ؟ قَالَ: قَدْ قَضَيْتُهُمَا، قَالَ الآنَ بَرَّدْتَ عَلَيْهِ جِلْدَهُ) (١).

قَالَ ابن خُزَيْمَةَ: قَوْلُهُ: (وَالْمَيِّتُ مِنْهُمَا بَرِئَ) يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ طَرِيقِ: فَعِلَ فِي مَوْضِعِ يَفْعَلُ، أَيْ يَبْرَأُ مِنْهُمَا الْمَيِّتُ بِأَدَائِكَ الدِّينَارَيْنِ عَنْهُ، كَخَبَرِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُوهِبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ حِينَ قَالَ بِالوَفَاءِ (٢).

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ غَيْرُ هَذَا، لِأَنَّ الْمَيِّتَ إِنَّمَا يَبْرَأُ مِنَ الدَّيْنِ بِإِبْرَاءِ الَّذِي لَهُ الْمَالُ، لَا بِإِبْرَاءِ الضَّامِنِ، يَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ حِينَ أَدَّى الدِّينَارَيْنِ: (الآنَ بَرَّدْتَ عَلَيْهِ جِلْدَهُ)، وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ قَدْ بَرِئَ مِنَ الدِّينَارَيْنِ بِضَمَانِ أَبِي قَتَادَةَ وَإِبْرَائِهِ إِيَّاهُ مِنْهُمَا كَانَ جِلْدُهُ قَدْ بَرَدَ قَبْلَ الأَدَاءِ (٣).

وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْمَضْمُونَ عَنْهُ لَا يَبْرَأُ مِنَ الدَّيْنِ، إِذْ لَوْ بَرِئَ لَمْ يَكُنْ


= قال الحاكم: صَحِيحُ الإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ.
(١) هذه الرِّوايَة بهذا اللفْظِ أخرجها أحمدُ في المسند (٣/ ٣٣٠)، وعنْدَ الطَّيالسي في مُسنده (رقم: ١٦٧٣)، والبيهقي في الكبرى (٦/ ٧٤) بلفظ: (حق الغريم) بدون همزة.
(٢) أخرجه أحمد في المسند (٥/ ٣٠١ و ٣١١)، والترمذي (رقم: ١٠٦٩)، والنسائي (رقم: ٢٠٩٨)، وابن ماجه (رقم: ٢٤٠٧)، والدَّارمي (٢/ ٣٤١)، وابن حِبَّان في صحيحه كما في الإحسان (٧/ ٣٣٠) من طُرُقٍ عن عُثْمَان بن عَبْدِ اللهِ بن موهِبٍ عنه به.
قال التَّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
(٣) قال البيهقي في الكبرى (٦/ ٧٤): "قولُه: (حقُّ الغَريم وبرئَ منها الميِّتُ) إن كان حَفِظَهُ ابن عَقيل فَإِنَّما عَنَى بهِ - والله أعلَمُ - لِلْغَريم مُطالبَتُك بها وحدَك إنْ شَاء، كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ عَلَيْكَ حَقٌّ مِن وَجْهٍ آخر، والمَيِّتُ منه برِيءٌ".

<<  <  ج: ص:  >  >>