يسرُّ "مشروع أسفار" أنْ يقدِّمَ للقارئ الكريم الإصدارَ الأربعين من إصدارات المشروع: (شَرح صَحِيحِ البُخاري)، لشيخِ الإسلام قِوام السنَّة إسماعيل التَّيميِّ الأصبهانيِّ (ت ٥٣٥).
كتابُنا؛ من مَفَاخِرِ مؤلَّفاتِ المسلمين، ومَبَاهجِ السُّرورِ بسنَّةِ سيِّدِ المرسلين؛ شرحٌ لأحدِ الأصُول المتلقَّاةِ من الأمَّة بالقَبول:"الجامعِ الصَّحيحِ للإمامِ البخاريِّ". قد أثنى العلماءُ على مؤلِّفه بكلِّ جليلٍ: فهو (أحدُ أَئمةِ الشَّافعية) و (مجدِّد المئة الخامسة) الذي أحيا اللهُ به الدِّين، ولقِّب بـ (شيخ الحفَّاظ والإسلام) و (العارف بكلِّ فنٍّ، المتقن)، استجمعَ عِلميْ الرِّواية والدِّراية، وتفنَّنَ معرفيًّا فكان موسوعيًّا وجعل (علمَ الاعتقادِ) منها الأساس، حتى نُقِلَ عن الأئمة:"ما رحلَ إلى بغداد بعد الإمامِ أحمدَ بن حنبل أحفظُ وأفضلُ من الإمام إسماعيل". فقد أظهر السنَّة ونبذَ طرائق المتكلمين، ودعا للتمسُّك بالأمرِ الأوَّل واتباعِ منهاجِ النبوَّة، وأقامَ الحجَّة وأبانَ عن المحجَّة.
وخَبَر تأليف الكتاب: أنَّ ابنَ قوامِ السنَّةِ أبا عبد الله محمدَ بنَ إسماعيلَ ابتدأ في شرحِ الصَّحيح ووضع مبادئه بشرح: (بدء الوحي والإيمان)، ورام فيه الإيجاز مع العناية بما لم يذكره الإمام الخطابي في (أعلام الحديث)، إلا أن المنية قد اخترمته قبل أن يتمَّه؛ فأكملَهُ أبوه الإمام قوامُ السنَّة ليتمَّ به الانتفاع، وكانت محبة الوالد لابنه الصالح سببًا في تصنيف هذا الشَّرح العظيم، فكان جلَّ الشرح من تصنيفه.
فمن مميزاتِ هذا الشَّرح المبارك: العنايةُ بتفسير الحديث وغريبه وضبط ألفاظه، وبيانُ أوجهِ الفروق بين روايات الصَّحيح والتَّرجيح بينها، والإشارة إلى فقه الحديثِ باستنباطِ فوائدهِ وأحكامه، مع التزام الاختصار والاقتصار على المقصود بلا إطالة، وله أحيانًا تصرفاتٌ في ترتيب الأبواب تقديمًا وتأخيرًا، وزاد على المشروح فصولًا