للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالشَّافِعِيُّ يُسَمِّي مَا كَانَ مِنْ هَذَا الجِنْسِ: الآيَةَ الْمُرَاقِبَةَ عَلَى السُنَّةِ.

وَأَمَّا الاحْتِمَالُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ عَامًّا أُرِيدَ بِهِ الخَاصُّ، وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَرِدَ لَفْظٌ عَامٌّ، وَيَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ بَعْضَ مَا تَنَاوَلَهُ لَفْظُهُ.

وَهَلْ هَذَا مُجْمَلٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ؟ أَوْ مُجْمَلٌ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ وَالْمَعْنَى؟ وَهَذَا أَشْبَهُ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ هَذَا مُجْمَلٌ هُوَ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَاحْتَاجَ إِلَى بَيَانٍ كَانَ مُجْمَلًا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ (١)، لأَنَّ الْمُجْمَلَ مَا لَوْ خُلِّينَا وَظَاهِرَهُ أَمْكَنَ التَّعْلِيقُ بِهِ.

وَقِيلَ: الْمُجْمَلُ: مَا احْتَاجَ إِلَى بَيَانٍ لِيُعْلَمَ بِهِ اللَّفْظُ، وَأَمَّا مَا يَحْتَاجُ إِلَى بَيَانٍ لِيُعْلَمَ بِهِ مَا لَمْ يُرَدْ بِهِ اللَّفْظُ يَكُونُ عَامًّا دَخَلَهُ التَّخْصِيصُ، وَلَا يَكُونُ مُجْمَلًا.

وَأَمَّا الاحْتِمَالُ الرَّابِعُ: أَنَّ الآيَةَ تَحَتِمِلُ الإِجْمَالَ، وَتَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ دَخَلَهُ التَّخْصِيصُ.

وَأَمَّا الخَامِسُ: فَذَكَرَ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَبَاحَ كُلَّ بَيْعٍ إِلَّا مَا حَرَّمَهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ ، وَصُورَةُ هَذَا أَنْ تَكُونَ الآيَةُ وَرَدَتْ مُطْلَقَةً فِي الإِبَاحَةِ، وَلَكِنَّ المُرَادَ بِهِ إِبَاحَةُ كُلِّ بَيْعٍ إِلَّا مَا يَلْزَمُهُ النَّبِيُّ فِي الثَّانِي، فَيُخَصُّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَتِهَا" (٢).

فَقَدْ تَضَمَّنَ هَذَا الكَلَامُ كَثِيرًا مِنْ قَضَايَا عِلْمٍ أُصُولِ الفِقْهِ، أُجْمِلُهَا فِي


(١) سورة الأنعام، الآية: (١٤١).
(٢) ينظر: (٤/ ٥٩ - ٦٢) من قسم التحقيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>