للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ، لأَنَّهُ لَا يَنْهَاهُمْ عَنْ فِعْلِ مَا لَا سَبِيلَ إِلَى فِعْلِهِ، وَإِنَّمَا يُنْهَى الْمَرْءُ عَنْ فِعْلِ مَا يَكُونُ بِتَرْكِهِ مُطِيعًا، وَبِفِعْلِهِ عَاصِيًا، وَالرِّوَايَةُ: (لَا يَقْتَسِمُ) بِالرَّفْعِ لَا بِالجَزْمِ.

* * *

* وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ : (لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا) (١)، وَفِي رِوَايَةٍ: (عِقَالًا) (٢).

لِلْعِقَالِ فِي كَلَامِ العَرَبِ مَعْنَيَانِ:

أَحَدُهُمَا: العِقَالُ الَّذِي يُعْقَلُ بِهِ البَعِيرُ، وَهُوَ سَيْرٌ مَضْفُورٌ إِذَا أُنِيخَ البَعِيرُ عُقِلَ بِهِ يَدُهُ لِئَلَّا يَنْهَضَ، وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ : (هُوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنَ النَّعَمِ مِنْ عُقُلِهَا) (٣)، وَهُوَ جَمْعُ عِقَالٍ: كَكِتَابٍ وَكُتُبِ، وَشِهَابٍ وَشُهُبٍ.

وَهَذَا الْمَعْنَى عَنَى أَبُو بَكْرٍ بِقَوْلِهِ: (لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا مِمَّا كَانُوا يُؤَدُّونَ إِلَى رَسُولِ اللهِ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَيْهِ)، أَيْ: لَوْ مَنَعُونِي مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا قَدْرُهُ قَدْرُ عِقَالٍ فِي القِلَّةِ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَيْهِ، أَيْ: فَكَيْفَ أَسْتَجِيزُ تَرْكَ قِتَالِهِمْ، وَقَدْ مَنَعُونِي كُلَّ مَا كَانُوا يُؤَدُّونَ إِلَى رَسُولِ اللهِ ، وَإِنَّمَا جَعَلَ العِقَالَ مَثَلًا فِي القِلَّةِ لِمَا قَاتَلَهُمُ عَلَيْهِ بِامْتِنَاعِهِمْ مِنْ أَدَاءِ الوَاجِبِ عَلَيْهِمْ.

وَمِنْ هَذَا قَوْلُ القَائِلِ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ: (وَاللهِ لَا تَرَكْتُ عَلَيْكَ مِنْهُ ذَرَّةً) أَيْ:


(١) أخرجه البخاري (رقم: ١٤٠٠) وفي غيره من المواطن.
(٢) أخرجها في كتاب الاعتصام بالقرآن والسنة (رقم: ٧٢٨٤)، ومسلم (رقم: ٢٠).
قال البخاري بعد أَنْ سَاقٍ هَذِه الرواية مِنْ طَرِيقِ قُتَيْبَة بن سَعِيدٍ عن اللَّيث: قال ابن بُكير وعبد الله عن اللَّيْث: (عَنَاقًا)، وهُو أَصَحُّ.
(٣) أخرجه مسلم (رقم: ٧٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>