للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَسْتَنْظِفُ جَمِيعَ حَقِّي مِنْكَ، وَلَا أَتْرُكُ مِنْهُ شَيْئًا، فَيَجْعَلُ الذَّرَّةَ مَثَلًا لِلْقَلِيلِ مِنْ حَقِّهِ الَّذِي لَا قَدْرَ لَهُ، فَكَذَلِكَ هَذَا مَعْنَاهُ، لَا أَنَّهُمْ يُؤَدُّونَ فِي الصَّدَقَةِ عِقَالًا كَانَ فَرْضًا عَلَيْهِمْ، لِأَنَّ النَّبِيَّ حِينَ بَيَّنَ فَرِيضَةَ المَوَاشِي لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ العِقَالَ.

وَأَمَّا مَا رُوِيَ أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ مَسْلَمَةَ كَانَ يَعْمَلُ عَلَى الصَّدَقَةِ فِي عَهْدِ رَسُولِ الله ، فَكَانَ يَأْمُرُ الرَّجُلَ إِذَا جَاءَ بِفَرِيضَتَيْنِ أَنْ يَأْتِيَ بِعِقَالَيْهِمَا) (١) فَلَا يَثْبُتُ.

وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ (٢).

وَلَوْ كَانَ شَيْئًا مَعْمُولًا بِهِ لَمْ تَجْهَلْ ذَلِكَ الأُمَّةُ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ العِقَالَ صَدَقَةُ عَامٍ، كَمَا كَانَ الكِسَائِيُّ وَالأَصْمَعِيُّ يَقُولَانِ (٣): بَعَثَ فُلَانٌ عَلَى عِقَالِ بَنِي فُلَانٍ، أَيْ: عَلَى صَدَقَاتِهِمْ.

قَالَ الشَّاعِرُ: [مِن البسيط]

سَعَى عِقَالًا فَلَمْ يَتْرُكْ لَنَا سَبَدًا … فَكَيْفَ لَوْ قَدْ سَعَى عَمْرٌو عِقالَيْنِ (٤)


(١) أخرجه أبو عبيد في غريب الحديث (٤/ ١٠٤ - ١٠٥) من طريق الوَاقِدي عن إِبراهيم بن إِسْماعيل عن عَاصِم بن عُمَرَ عن قَتَادَة عن محمَّد بن مَسْلَمَة به.
وفي سنده الواقدي: وهو متروكُ الحديثِ، ولذلك قال قِوامُ السُّنَّةَ التَّيْمِيُّ عَقِبَه: لا يثبت.
(٢) أخرجه أبو عبيد في المصدر السابق (٤/ ١٠٥)، وابن جرير الطبري - كما في كنز العمال للمتقي الهندي (٦/ ٥٤٨) من طريق الواقدي عن حِزَام بن هِشَامٍ عن أبيه - هشام بن حبيش - أَنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّاب كان يَأخذُ مع كُلِّ فريضة عِقالا ورواءً فَإذا جَاءت إلى المدينة باعها ثُمَّ تَصدَّق بتلك العُقُل والأرْوِية).
وَسَنَدُهُ كَسَابِقِه، آفَتُهُ الوَاقِدي أيضا.
(٣) في المخطوط: (يقران)، والمثبت كما في غريب الحديث لأبي عبيدٍ (٤/ ١٠٤).
(٤) نَسَبه أبو عبيد في غريب الحديث (٤/ ١٠٦) إلى عمرو بن العَدّاء الكلبي، وبعده:
لأَصْبَحَ الحَيُّ أَوْيَادًا وَلَمْ يَجِدُوا … عِنْدَ التَّفَرُّقِ فِي الهِيجَا جَمَالَيْنِ
والبيت في المحكم لابن سيده (١/ ٢٠٧) بلا نِسْبةٍ، وكذا في تَاجِ العَرُوس للزبيدي (٣٠/ ٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>