للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قتَلُوهُ، وَلَمْ يَخْتَلِطُ بِأَهْل المَحَلَّةِ غَيْرُهُمْ فَذَلِك لَوْثٌ، لأَنَّهُ يَغْلُبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ، فَإِنِ ادَّعَى وَلِيُّهُ القَتْلَ عَلَى وَاحِدٍ بِعَينِهِ، فَاعْتَرَفَ بِهِ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، فَإِذَا وُجِدَ اللَّوْثُ وَحَلَفَ الوَلِيُّ، أَخَذَ الدِّيَةَ مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ.

وَالنَّبِيُّ جَعَلَ الحُكْمَ فِي يَمِينِ القَسَامَةِ خِلَافَ الحُكْم فِي الأَيْمَانِ، لِأَنَّهُ بَدَأَ فِيهَا بِالْمُدَّعِينَ، وَمِنْ سُنَّتِهِ أَنْ تَكُونَ البَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِم، فَلَمَّا أَبَى الْمُدَّعُونَ اليَمِينَ رَدَّهَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا لَمْ يَرْضَوْا بِأَيْمَانِهِمْ عَقَلَهُ مِنْ عِنْدِهِ، إِذْ كَانَ مِنْ سُنَّتِهِ أَنْ لَا يَتْرُكَ دَمَ مُسْلِمٍ هَدَرًا، وَهُوَ عَاقِلَةُ الْمُسْلِمِينَ.

وَمِمَّا (١) خَالَفَتِ القَسَامَةُ فِيهِ سَائِرَ الدَّعَاوَى، أَنَّهُ أَوْجَبَ فِي القَسَامَةِ خَمْسِينَ يَمِينًا (٢)، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحْكَامِ أَكْثَرُ مِنْ يَمِينٍ وَاحِدَةٍ إِلَّا فِي اللِّعَانِ.

وَقَدْ يَسْتَدِلُّ مَنْ يَرَى أَنَّ القَسَامَةَ تُوجِبُ القِصَاصَ بِقَوْلِهِ: (وَتَسْتَحِقُّونَ قَاتِلَكُمْ) (٣)، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ (٤)، وَذَلِكَ أَنَّ ظَاهِرَهُ نَفْسُ القَاتِلِ دُونَ الدِّيَةِ.

وَالشَّافِعِيُّ لَا يُوجِبُ فِيهَا إِلَّا الدِّيَةَ (٥)، وَلَا يَرَى الدَّعْوَى فِي (٦) القَسَامَةِ


= (١٣/ ٥٥)، بحر المذهب للروياني (١٤/ ٢٣٥).
(١) وقع في المخطوط (ونحو)، والصَّوابُ ما أثْبَته، ويُقارَن باللامِع الصَّبِيح للبِرْمَاوي (٩/ ٢٥٢).
(٢) وقع في المخْطُوط (يَوْما)، وهُو خَطَأ.
(٣) حديث (رقم: ٣١٧٣).
(٤) ينظر: الرسالة لابن أبي زيد (ص: ٢٣٤)، الكافي لابن عبد البر (ص: ٦٠١)، عقد الجواهر الثمينة لابن شاس (٣/ ٢٩٢).
(٥) ينظر: الأم للشافعي (٦/ ٩٢ و ٩٦)، مختصر المزني (ص: ٢٥١)، مغني المحتاج للشربيني (٤/ ١١٧).
(٦) في المخطوط: (إلا في)، والمثبتُ من أعلامِ الحديث للخَطَّابي (٢/ ١٤٦٧)، وهو الصَّوابُ الموافِق لِسِياقِ الكَلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>