كتاب شرح صحيح البخاري - الأصبهاني

كتاب بدء الخلق - ومن الباب الآخر - ج: 4 - ص: 419

مِنَ الْمَعْرِ، وَهُوَ ذَهَابُ الشَّعَرِ، وَذَهَابُ الخِضَابِ، وَالْمَعِرُ: الَّذِي لَا شَعَرَ عَلَيْهِ، وَأَمْعَرَ الرَّجُلُ إِذَا افْتَقَرَ.

وَفِي الحَدِيثِ: (مَا أَمْعَرَ حَاجٌّ) (١)، أَيْ: مَا افْتَقَرَ.

وَقَوْلُهُ: (فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي صَاحِبِي)، فَصَلَ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إِلَيْهِ بِالجَارِّ وَالمَجْرُورِ عِنَايَةً بِتَقْدِيمِ لَفْظِ الإِضَافَةِ، وَمَعْنَاهُ فِي قَوْلِهِ: (لِي)، جَمَعَ بَيْنَ

---

(١) أخرجه البزار في مسنده كما في زوائده كشف الأستار (رقم: ١٠٨٠)، والفاكهي في أخبار مكة (١/ ٤٠٦)، والبيهقي في شعب الإيمان (٣/ ٤٨٣)، من طرق عن محمد بن أبي حميد عن محمد بن المنْكَدِر عن جابر بن عبد الله به مرفوعا.
وفي سنده محمد بن أبي حُميد هذا قال الحافظ: ضعيفٌ.
قال البَزَّار: "تفرَّد به محمَّدُ بنُ أَبي حُميدٍ، وَعِندهُ أحَادِيثُ لا يُتابَعُ عليها، ولا أَحسِبُ ذلِك مِن تعمُّدِه، ولكن مِن سُوءِ حِفظِه".
قلت: لم يتفَرَّدْ به محمَّد بنُ أبي حميد، فقَد تَابَعَه اثْنَانِ مِن الرُّوَاة:
فأخرجه الطبراني في الأوسط (٥/ ٢٤٥) من طريق شَريكٍ القاضي عن محمد بن زيد عن محمد بن المنكدر بسندِه سَواء.
قال الطبراني: "لم يَروِ هذا الحَديث عن ابن المنكدر إلا محمَّد بنُ زَيْدٍ"!!
قلت: وقد علمت من تابعه، وفي سنده: شَرِيكٌ القَاضي، ساء حفظه كثيرا لما ولي القضاء، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٣/ ٢٠٨) رواهُ الطَّبرانيُّ في الأوسط، والبزَّار، ورجالُه رِجالُ الصَّحيح"!!
وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (١٦/ ٤٤٥) من طريق خالد بن عتمة عن عبد الله بن محمد بن المنكدر عن أبيه بسنده سواء.
زاد ابن عساكر: "قال ابن الأَنباري: معنَاهُ: ما افتَقرَ حاجٌّ قَطُّ، وأصلُه من قولهِم: مكانٌ مَعْرٌ إِذا ذهَبَ نباتُه".
وقد اخْتُلِف فيه عَلى مُحمَّد بن المنْكدِر، فَرَواه هُؤلاءِ الثَّلاثة - محمَّد بنُ أبي حُميد، وشَرِيكٌ القَاضِي، وعَبد الله بن محمَّد بن المنكدر - عنه عن جابر مرفوعا.
وخَالَفَهم سُفيان بنُ عُيَيْنَة، فرواه عن ابن المنكدر مُرْسَلًا: أخْرجه ابن أبي شَيبة في المصنف (٤/ ٩٦).