للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرِّوَايَةِ بِهَاءَيْنِ، لِأَنَّ أَصْلَهُ هُنَيْهَةٌ عَلَى لُغَةِ قَوْمٍ، كَمَا قَالُوا فِي تَصْغِيرِ السَّنَةِ: سُنَيْهَة، يُقَالُ: أَجَرْتُ الدَّارَ مُسَانَهَةً، وَنَخْلَةٌ سَنْهَاءُ إِذَا كَانَتْ تَحْمِلُ سَنَةً، وَلَا تَحْمِلُ سَنَةً.

وَقِيلَ: أَصْلُ الهَنَةِ هَنِيَّةٌ أَوْ هَنْوَةٌ، وَتَصْغِيرُهَا: هُنَيَّةٌ، كَمَا قَالُوا فِي تَصْغِيرِ السَّنَةِ: سُنيَّةٌ، وَأَصْلُ الهَنِ الهَنْوُ، وَالْمَعْنَى: أَلَا تُسْمِعُنَا مِنْ أَرَاجِيزِكَ، جَمْعُ الأُرْجُوزَةِ.

وَقَوْلُهُ: (عَوَّلُوا عَلَيْنَا) قِيلَ: صَاحُوا، وَالعَوِيلُ: الصِّيَاحُ، وَقِيلَ: عَوَّلُوا: اعْتَمَدُوا فَإِذَا كَانَ مَعْنَاهُ صَاحُوا يَكُونُ التَّقْدِيرُ: أَجْلَبُوا عَلَيْنَا.

وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ: (فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا) (١).

قَالَ الخَطَّابِيُّ (٢): يَدُلُّ ظَاهِرُهُ أَنَّ العِنْقَ مُتَقَدَّمٌ عَلَى النِّكَاحِ، فَأَمَّا قَوْلُ أَنَسٍ: (أَصْدَقَهَا نَفْسَهَا فَأَعْتَقَهَا) يَحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ: جَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، كَمَا جَاءَ فِي سَائِرِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ جَعَلَ عِنْقَهَا صَدَاقَهَا، فَيَجُوزُ عَلَى هَذَا أَنْ يُعْتِقَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ عَلَى أَنْ يَنْكِحَهَا، وَيَكُونُ عِتْقُهَا عِوَضًا عَنْ بُضْعِهَا.

وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: لَمْ يَجْعَلْ لَهَا صَدَاقًا، وَإِنَّمَا كَانَتْ فِي مَعْنَى الْمَوْهُوبَةِ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ مَخصُوصًا بِهَا، إِلَّا أَنَّهَا لَمَّا اسْتُبِيحَ نِكَاحُهَا بِالعِتْقِ صَارَ العِتْقُ كَالصَّدَاقِ لَهَا، عَلَى مَعْنَى قَوْلِ الشَّاعِرِ (٣): [من الطَّوِيل]


(١) حديث (رقم: ٤٢٠١).
(٢) أعلام الحديث للخطابي (٣/ ١٧٣٨ - ١٧٣٩).
(٣) البيت نسبه: الجوهري في الصحاح (٣/ ٣٨٥) لقحيف بن حمير بن سليم. =

<<  <  ج: ص:  >  >>