للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ عَلَيْهِم، إِلَّا أَنْ يَكُونَ شَرَطَ أَنَّهُ آمِنٌ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى مَخْرَجِهِ مِنَ الصَّفِّ، فَلَا يَكُونُ لَهُمْ قَتْلُهُ، وَلَهُمْ دَفْعُهُ وَاسْتِنْقَاذُ الْمُسْلِم مِنْهُ.

قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ (١): إِذَا بَارَزَ مُسْلِمٌ مُشْرِكًا إِمَّا دَاعِيًا أَوْ مُجِيبًا، فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَكُونَ لِلْمُشْرِكِ الْمُبَارِزِ شَرْطٌ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يُقَاتِلُوهُ مَعَ الْمُبَارِزِ مِنْهُمْ وَيَقْتُلُوهُ، لأنَّهُ عَلَى أَصْلِ الإِبَاحَةِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ لَهُ شَرْطٌ، يَشْتَرِطُ أَنْ لَا يُقَاتِلَهُ غَيْرُ مَنْ بَرَزَ إِلَيْهِ، فَيَجِبُ الوَفَاءُ بِمَا شَرَطَهُ، لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ (٢)، وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ : (الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ) (٣).

فَإِنِ اشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ آمِنًا حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى صَفِّهِ، يُوَفَّى بِالشَّرْطِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُشْرِكِ إِحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ يَبْطُلُ بِهَا أَمَانُهُ:

إِحْدَاهُنَّ أَنْ يُوَلِّيَ عَنْهُ الْمُسْلِمُ، فَيَتْبَعُهُ، فَيَبْطُلُ أَمَانُهُ.


(١) ينظر: الحاوي الكبير للماوردي (١٤/ ٢٥٣)، وبحر المذهب للروياني (١٣/ ٣٠٧ - ٣٠٨).
(٢) سورة المائدة، الآية: (١).
(٣) أخرجه أحمد (٢/ ٣٦٦)، وأبو داود رقم: (٣٥٩٤)، والطحاوي في معاني الآثار ٤/ ٩٠)، والدارقطني في السنن (٣/ ٢٧)، والحاكم في المستدرك (٢/ ٤٩)، و (٤/ ١٠١)، والبيهقي في الكبرى (٦/ ٦٣ و ٦٤ - ٦٥) جميعًا عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة به نحوه.
وبالغ الحاكمُ، فَقَال: صحيحٌ على شَرطِ الشَّيخَين!! وقد ضَعَّفه ابن حَزْمٍ، وعبد الحقِّ كما في التلخيص الحبير (٣/ ٢٣).
وللحديث شواهد كثيرة يرتقي بها إلى درجة الصِّحَّة إن شاء الله، وقد عَلَّقَهُ البُخَاريُّ مَجْزُومًا به، وانظر - غير مأمور - في تخريج طرقه والكلام عليها إرواء الغليل للألباني (٥/ ٢٥٠) فما بَعْدَها.

<<  <  ج: ص:  >  >>